قبل أيام تناولت عبر هذه الصحيفة مقالاً عن البديلات المستثنيات وتحدثت من خلاله الإشكالية التي أحدثها القرار الصادر عن اللجنة الثلاثية, والقلق الذي سببه لأخواتنا البديلات لأنه لم يكن دقيقا في تطبيق المرسوم الملكي حتى أصبح الموضوع أكثر سخونة وأخذ منحى آخر وأحدث فجوة بين البديلات والوزارة المعنية وهذا ما جعلني أتناول الموضوع مرة أخرى حيث طلب مني عدد كبير من البديلات وأولياء أمورهن اللواتي يتذمرن من هذا القرار كونه مجحف بحقهن ومخالف لقرار خادم الحرمين الشريفين وبحكم تتبعي لهذا الملف وتفاصيله تبين لي أن معاناة البديلات مع وزارة التربية والتعليم ليست وليدة اليوم حيث استفادت منهن الوزارة كبديلات طوال عدة سنوات بعقود اتهمها الكثير بأنها مجحفة بحقهن ومع ذلك قبلن بها رغبة في خدمة الوطن وإسهاما منهن في النهضة التعليمية التي تعيشها المملكة وإخلاصا منهن لهذا الوطن الغالي كما أن تلك العقود تعطي البديلة خبرة وأولوية في التعيين، واستبشرت البديلات بصدور أمرين ملكيين الأول: صدر بحقهن أمر ملكي بتاريخ 25/6/1426 ه رقم 8422 والقاضي بتثبيت جميع البنود العاملة في الجهات الحكومية. الثاني: صدر أمر ملكي بتاريخ 18/5/1432 ه رقم 91/1 والقاضي بتثبيت المعينين على البنود, وجاء في القرار "حرصا منا على تحقيق الإستقرار الوظيفي لأبنائنا وبناتنا بما يوفر لهم الراحة والطمأنينة وحتى لا يضار من تم توظيفه بآليات لم تراع الدقة في إنفاذ الأنظمة ورغبة منا في إيجاد معالجة نهائية لوضع متعاقدين ومتعاقدات الغير مشمولين بالأمر السامي رقم 1895/م ب بتاريخ 23/3/1432 ه " وهنا عمت الفرحة جميع البديلات وأسرهن بما في ذلك محو الأمية والشكر لخادم الحرمين الشريفين الذي تعودنا منه مثل هذه اللفتة الكريمة وهذا الإهتمام الأبوي ونلمس من المرسوم الملكي الحرص على الإستقرار الوظيفي لأبناء وبنات الوطن. أخذت البديلات تعد الدقائق قبل الساعات والساعات قبل الايام انتظاراً لتنفيذ أوامر خادم الحرمين الشريفين حتى أصبحت كل واحدة من البديلات تُعرف بالبديله وأصبح يشكل هماً وقلقاً للجميع فالعدد تجاوز 12000 بديلة مستثناة لكن هذه الفرحة اغتالتها وزارة التربية والتعليم من قِبل اللجنة الثلاثية التي فسرت القرار الملكي خاص بالبديلات اللواتي كن على رأس العمل فقط رغم أن القرار جاء عاما وشاملا ولم يفرق بينهما, ومن المؤسف حقا أن خريجات جدد تم التعاقد معهن لأول مره بينما تركت خريجات سابقات لهن الأولوية بموجب العقود السابقة وعينت الجديدة وحرمت القديمة, ومما يدعو للقلق أن بعض الأخوات البديلات لها اكثر من 15 سنة متخرجة وعمرها تجاوز الأربعين وما زالت بديلة ومع ذلك تعين البديلة حديثة التخرج وهذا بلا شك ظلم للبديلات المستثنيات. وحينما نتأمل موقف وزارة التربية والتعليم نجد أنها لا تتكئ على أدلة صريحة وواضحة لحرمان البديلات من التثبيت يقول المتحدث الرسمي للوزارة: "أن موضوع المعلمات البديلات لم يطرأ عليه أي جديد حتى الآن ولكن الوزارة لم تتوقف عن بذل كل ما تستطيعه من أجل إغلاق هذا الملف وأنه ضمن أولويات الوزارة لإنهائه" كيف يكون من أولويات الوزارة وأنها تبذل كل ما تستطيع من أجل إنهائه وتضع الشروط الثلاثة التعجيزية والتي يجب أن نقف عندها. أولا: لماذا تصر اللجنة بقرارها أن التعيين لا يكون إلا في عام 1435 -1436 ه مع أن المرسوم الملكي واضح وليس فيه ما يشير إلى التأخير. ثانيا: حددت اللجنة ثلاث سنوات يتم خلالها تعيين البديلة وهذا يتعارض مع المرسوم الملكي. ثالثا: قرار اللجنة يجبر البديلة الدخول في إختبار القياس وإذا لم تجتازه خلال ثلاث سنوات تعين موظفة إدارية وهذا إجحاف في حقها فكيف يطلب منها القياس وهي أصلا معلمة بديلة ولديها من الخبرة أكثر من تلك البديلات اللواتي تم تعيينهن. رابعا: نص هذا القرار تشكيل لجان يتم من خلالها التعيين وفق إحتياج الوزارة والمكان والزمان ومعنى هذا أن فرص التثبيت تقل تدريجيا حتى تنعدم وبالتالي يقضى على أمل البديلة بالتوظيف. يلمس المتأمل من تلك القرارات أن الهدف منها هو التعطيل أوالإبطاء بالتعيين وهذا يتعارض مع المرسوم الملكي لخادم الحرمين الشريفين وهنا تبرز الإشكالية أننا لا نعالج المشكلة من جميع أطرافها لنصل إلى الحل السليم والذي يرضي جميع الأطراف وإنما اللجنة التي أصدرت القرار إنما رأت مصلحة الوزارات الثلاث دون مراعاة لأخواتنا البديلات والذي لو تم التركيز عليه بموضوعية وأحست اللجنة بمعاناتهن طوال السنوات الماضية لتوصلت الى حلول تتسع لأخواتنا البديلات ومحو الأمية وفي الوقت نفسه تخدم مصلحة الوطن وتراعي الإحتياجات. وإني هنا أُطالب سرعة إنهاء ملف البديلات الذي طال إنتظاره وذلك من خلال هذه الإقتراحات أولا: عمل استراتيجية دقيقة ومقننة للتثبيت يبدأ مع بداية العام الدراسي القادم حيث يكون الفرز حسب آليات تحددها الوزارة وينتهى هذا الملف خلال عام كامل يتم من خلاله تعيين كافة البديلات ومحو الأمية دون استثناء. ثانيا: عدم الإلتفات إلى إختبار القياس وإذا رأت الوزارة تطبيقه يطبق على الجميع فيما بعد بما في ذلك البديلات بعد التعيين. ثالثا: لا يتم تعيين أي متخرجة جديدة إلا بعد الإنتهاء من ملف البديلات إلا في التخصصات التي لا نجدها لدى البديلات. رابعا: أي بديلة عملت لدى الوزارة بعقود يحسب لها خدمة تستفيد منه في سجلها الوظيفي. خامسا: يجب أن تدخل جميع البديلات دون استثناء ببرنامج حافز وتعطى إعانة شهريا حتى يتم تعيينها. سادسا: التأكيد على تحقيق رغبة البديلة في المكان الذي ترغب فيه وذلك نظرا لتلك المعاناة السابقة. من هنا نكون قد لممنا جراح البديلات المستثنيات وعالجنا وضعهن وفق الإمكانيات وليس وفق الطموح وهذا أقل ما يجب أن تقدمه الوزارة لأخواتنا البديلات اللواتي اهتم بهن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والذي نلمس ذلك دائما من خلال الهم الذي يحمله ولاة أمرنا وما يصدر من قرارات تخدم أبناء المجتمع وإني اتطلع أن يكون المسؤول في أي وزارة يتناغم مع تطلعات ولاة أمرنا عندها أجزم أن كثيرا من مشاكلنا ستنتهي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحمي بلادنا من كل مكروه وأن يوفق بناتنا لما فيه الخير وأن نرى الفرحة قريبا تعم جميع البديلات من خلال تعيينهم جميعا دون استثناء. د.إبراهيم بن حمود المشيقح الأستاذ بجامعة القصيم @d_almushigh [email protected]