إحدى قضايا القلق والأمور الباعثة عليه في بلادنا - إلى جانب قضية البطالة - و التى لايختلف عليها اثنان ، هي قضية العمالة السائبة ، أو ما يعرف بالعمالة غير النظامية ، مازال الحديث عنها جاريا و بحثها مستمراً ، وأن كفة تعداد سكان البلد تميل كل الميل لصالح الغريب الوافد الغريب ، بدءاً من حديث المجالس وانتهاءً بأروقة تشريع الأنظمة وتنفيذها . ولذلك تنادى المخلصون وتداعى المصلحون ومن يريد وضع الأمور في نصابها الصحيح ، إلى القيام بحملة وطنية لتصحيح واقع العمالة و وضع حد لحالها غير النظامي الذي يعاني منها البلاد و يشتكي منها العباد ، فكان نتيجتها ترحيل الآلآ ف منهم خلال أيام قلائل ، وهذه النتيجة مشجعة لاستمرارها حتى القضاء التام عليها إلى غير رجعة . وكما هو معلوم للجميع ، فإن هذه الحملة تعد علاجاً لمشكلة عانى منها البلد طويلاً ، والعلاج لابد له من أعراض جانبية ، فقد تضرر منه البعض لتطبيقه المفاجىء ، لذا أمر خادم الحرمين الشريفين - إحساساً منه ، حفظه الله ، بوجوب الرفق بالرعية ، والرحمة في تطبيق القوانين - بإعطاء مهلة لتصحيح واقع العمالة و تقويم حالها المعوج . ولكن ؛ قد يتبادر إلى بعض أذهان العارفين ببواطن الأمور ، والعالمين بتأويل الأحاديث ، فكرة أخرى و أسلوب أخر كان من الأجدر والأولى تطبيقه في تلك الحملة ، بل من الواجب الأخذ به ، وهو : التركيز في البداية على العمالة التى تمارس التجارة و البيع و الشراء تحت غطاء التستر و المتسترين ، التي وصف ممارستها خبراء الاقتصاد بالنشاط الطفيلي ، وخاصةً تجارة التجزئة في المواد الغذائية وأدوات الكهرباء والسباكة و غيرها التي لا تحتاج إلى مؤهلات يستلزم جلبها من خارج الحدود ، وسيقوم بها ابن البلد بكل كفاءة ، وينتج عن ذلك القضاء على معضلة البطالة بكل يسر و سهولة . أما العمالة التي تنتمي إلى الطبقة الكادحة أمثال عمالة المعمار بكافة تخصصاتها و عمال خدمات النخيل والزراعة على وجه العموم ، فإن البلد مازال في مسيس الحاجة إلى سواعدهم والاحتياج إلى خدماتهم كان و مازال وسيظل ضرورياً في فترتنا الراهنة ، وترحيلهم سيربك سوق العمل ويحدث أزمة قد يصعب ملء فراغها و معالجة آثارها . إذاً ، يجب معالجة الأمور ابتداءً من الأهم فالمهم ثم الأقل أهمية ، مع وضع اعتبار لمقولة : لا ضرر و لا ضرار . و الله الموفق . سليمان علي النغيمشي