الفساد كلمة على طاولة شطرنج يلعب بها القاصي والداني وأصبحت " علكاً " يمضغه من يجعل نفسه رأساً في النزاهة ليطبل لنفسه من دون تكلف أو سفاهة ،، بعد عصر الكلمة الحرة والتقنية العالية والفضاء المفتوح أصبحت فلسفة التنظير ركناً أساسياً لجذب الحضور وكسب أكبر قدر من المشاهدين ،، فالفساد هي الكلمة الدارجة على بعض الألسن وهذه - الألسن - لو أوقفت رمي العبارات والتهكم بالإنجازات وتأملت حولها لوجدت أنها تمارس فعل الفساد بحجم عملها والدائرة المحيطة بها ،، خطان متوازيان وإشارات اتهام لرأس القيادة ومن هو على رأس الهرم ، يقابله في الإتجاه الآخر من هو في آخر الصف يقضم من الكعكة بقدر مايتسع فمه .. وكل كرسي بحجم كبره أو صغره يرمي الإتهام على الآخر للتنصل من المسئولية وتبرأة الذمة والتغني بالوطنية . إننا عندما نتكلم بجرأة بأن هناك فساد فنحن نتحدث عن الكل والكل هنا مسئولية شخصية ومراقبة ذاتيه ، فالأمم تبنى من خلال الأفراد والأفراد هم من يصنعون قدرهم ويتحكمون بمسيرتهم إذا وصلوا الى درجة من الوعي في الأخذ على يد السفيه والتوحد في الصف وإنكار المنكر ونبذ كل من تطال يده العبث والمشاركة في نشر الفساد ( كَمَا تَكُونُوا يُولَّى عَلَيْكُم .. ) جزء من المشكلة يكمن في بعض من يملك مسئولية وطنية - وهو في الخطوط الخلفية من السلم القيادي - أنه يغني على كعكة صغيرة يرى أنها أبسط حقوقه و يمرر لها تبرأة دنيوية لن تغنية عن المحاسبة الأخروية .. وعلى قدر نياتكم تفتح لكم أبواب الرزق ، فلا يبرر سلوكنا أن اليد الكبيرة تعبث فمن حق الصغار أن ( يسترزقوا ) .. هنا نقع في إخلال الموازيين وفي تنوع خروقات السفينة مما يؤثر في إبحارها ليكون مآلها الغرق وعندها لا مناص من العقوبة ( أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) .. إن معالجة الفساد ليس في مسح الغبار عن سطحه أو صناعة كبش فداء يكون ضحية كبار هم من صنع هؤلاء الصغار .. الفساد دائرة واسعة خطواتها الأولى في محاسبة الأشخاص في جميع القطاعات بكل الاتجاهات لا يستثنى منه رئيس ومرؤس ولا غني أو فقير ولا يدخل فيه حسب ولا نسب ،، من أجل أن نضمن رغداً في العيش لجيل حاضر وجيل قادم ونقارع الأمم في الصناعة والإقتصاد والسياسة . المسئولية للكل وبلا استثناء من عامل النظافة إلى كرسي القيادة، والقوانين الكونية لن ترحم من ظلم وتكبر وبرر ليده أن تسرق ، وقد لايظهر الجزاء على الأفراد في الدنيا إمهالاً لحسابهم في الآخرة لكنه حتماً سيقع على الأمة بسقوط حضارة وبداية أخرى وتلك سننه وهذا عدله . ( إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) . بين قوسين ( الحياة كتاب مفتوح نحتاج جزء من الوقت لقراءته ) سليمان بن سلطان العرفج solimanALArfaj@