بادئ ذي بدء حمداً لله على قضائه وقدره حيال حادثة انفجار الغاز بشرق الرياض التي هزت المجتمع صباح الخميس الماضي الأول من نوفمبر للعام الجاري 2012م وأتقدم نيابة عن منسوبي شركة غازكو بخالص العزاء والمواساة لأهالي الموتى والمفقودين وندعو الله الكريم بالمغفرة للموتى وللمصابين بالشفاء العاجل... ثانيا هناك وقفات وتأملات لابد من التعريج عليها والوقوف عندها أملاً بالإستفادة والحد من تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلا وتقليل التلفيات في الأرواح والممتلكات قدر الإمكان... مما هو معلوم غاز البترول المسال هو أحد المشتقات البترولية الخطرة وهو أثقل من الهواء ولا يتطاير في الهواء بشكل سريع وإنما يشكل سحابة تتحرك مع اتجاه الريح ومتى ماوجدت مصدرا للشرر مع وجود الهواء تتحقق المعادلة الخاصة بمثلث الحريق والتي ينتج عنها تحول سحابة الغاز إلى سحابة نارية تتناسب طرديا مع كمية الغاز والمواد القابلة للإشتعال. ومما تقدم نستطيع أن نقول متى ماعرفنا كلمة السر استطعنا حل اللغز وبمعنى آخر أنه متى ما استطعنا التحكم في أحد عوامل مثلث الحريق (الوقود أو الهواء أو الشعلة) أصبح تسرب الغاز آمنا ولا يدعو للقلق متى ما أحكمنا السيطرة على هذه العوامل. وبحكم تخصصي وإشراف إدارتنا على عمل فرق الطوارئ الخاصة بمباشرة حوادث ناقلات الغاز على الطرق يلاحظ الجهل الكبير من الناس بخطورة الغاز وكيفية التعامل مع حوادث ناقلات غاز البترول المسال والجهل بذلك ليس على مستوى عامة الناس بل حتى على مستوى الجهات المختصة الإسعافية (الأمنية أو الصحية) والتي عادةً ماتباشر مثل هذه الحوادث حيث يعاني زملائنا بفرق الطوارئ من عملية إبعاد المسئولين والجمهور من مسرح الحدث خوفا من استخدامهم لأجهزة الإتصال أو السيارات التي تعمل بالبنزين والتي قد ينبعث منها شرر يؤدي لإشتعال الغاز ويهدر من ذلك وقت كان من الأولى أن يتم استغلاله في سرعة مباشرة الحادث ومما أذكر ما رواه لي أحد الزملاء بأحد فرق الطوارئ بالشركة عند مباشرتهم لحادث انقلاب ناقلة مليئة بالغاز حيث فوجئ بعد أن تم عزل المنطقة بإختراق أحد ضباط الدفاع المدني منطقة العزل على سيارته الخاصة والوقوف مباشرة بجانب الناقلة المصدومة والتي كان المختصين يعملون تحتها لإغلاق مصدر التسرب والذي كان يتسرب بشكل كبير ولولا لطف الله بهم لحدث ما لا يحمد عقباه...فإذا كان هذا حال المختصين فما بالكم بعامة الناس فأغلبية الناس يجهلون خطورة التجمهر حول ناقلات الغاز والمشتقات البترولية الأخرى ولا يعون خطورة القرب من هذه الناقلات التي قد تتحول إلى قنبلة متى ما تهيأت الظروف المسببة للإنفجار. ومن هنا نصل لنتيجة يجب أن يعيها الجميع ألا وهي أن ارتفاع التلفيات في الأرواح والممتلكات في حادثة انفجار الغاز بشرق الرياض كان بسبب الثقافة المتدنية بخطورة الغاز والمواد البترولية الأخرى فلو تم إبعاد مايمكن إبعاده من الأرواح والمعدات عن مسرح الحادث خلال فترة التسرب لاستطعنا التقليل من هذه التلفيات ولكن قدر الله وماشاء فعل... وقد يتسبب أحد المتجمهرين أو المسعفين من حيث لا يشعر بإحراق المنطقة بالكامل حيث أن تسرب الغاز من الناقلة بعد حادثة الإصطدام بالجسر قد جعل المنطقة تتشبع بالغاز والتي تحتاج فقط مع وجود الأكسجين لأي مصدر للشرر (سواءاً من إشعال سيجارة أو شرر كهربائي ناتج عن دوران محرك سيارة) لحدوث الإنفجار المدوي للغاز خلال رمشة عين. يتسائل البعض ويستغرب من عدم انفجار وتتطاير الناقلة المتسببة في حادث الإنفجار وإجابة على ذلك يمكن القول بأن شاحنة الغاز بعد حادث الإصطدام كانت تسرب غاز لمدة دقائق مما شكل سحابة غاز -كما ذكرنا بالأعلى- دفعتها الرياح بإتجاه شركة الزاهد والتي يتم فيها أعمال ساخنة (قص ولحام) ومن هنا تحولت سحابة الغاز إلى أشبه بفوهة بركانية وهذا الدوي (صوت الإنفجار) كان نتيجة اشتعال سحابة الغاز في لحظة واحدة. ولقد سمعم وقرأتم تساؤلات واستهجانات كثيرة عن الإجراءات والإحترازات التي تقوم بها شركة الغاز على ناقلاتها وقد استبعد بعضهم وجود أي إجراءات والبعض الآخر قام بتهميشها متناسين أن ناقلات الغاز تدخل محطات أرامكو يوميا ومن المعلوم أن أرامكو لديها اشتراطاتها الحازمة والتي تفرضها حساسية المشتقات البترولية التي تقوم بإنتاجها ومع ذلك تقوم شركتنا بعدة إجراءات أذكر منها على سبيل المثال متابعة الناقلات على الطرق عن طريق غرفة عمليات بالشركة خصصت لمتابعة السائقين واستقبال البلاغات والتعاميم من الجهات الخاصة على مدار الأربع وعشرين ساعة بالإضافة إلى اشتراط اجتياز السائق لدورة تدريبية قبل انخراطه بالعمل كما أن الشركة تقوم بشكل فجائي بفحص السائقين عن تعاطي المخدرات أضف إلى ذلك ورش الصيانة الكهربائية والميكانيكية وصيانة الغاز في جميع فروع الشركة بمناطق المملكة المختلفة والتي تقوم بصيانة الناقلات وإصلاح أعطالها والتشييك اليومي عليها عند دخولها وخروجها من فروع الشركة وذلك بإستخدام أجهزة إلكترونية خاصة بكشف التسرب إلى غير ذلك من التعاميم والتنبيهات على السائقين حيال أي ملاحظة يتم رصدها من المختصين من داخل الشركة أو الجهات ذات الإختصاص بوزارة الداخلية. ومما تجدر الإشارة إليه هنا أنه عند حدوث مثل هذه الحوادث كإجراء وقائي يجب ابتداءاً إبعاد الناس عن مسرح الحادث حفاظا على سلامة الجميع وعزل وحظر المنطقة بشرائط تحذيرية وعدم السماح لكائن من كان بإختراق الحظر ومن ثم العمل على إيقاف مصدر التسرب قبل محاولة إطفاء النار المشتعلة من مصدر التسرب إن وجدت لأن النار تقوم بحرق الغاز مباشرة وتمنع انتشاره وانتقاله لموقع آخر قد يزيد من أحجام الخسائر وهذا ينطبق على حرائق الغاز المنزلية وللإستزادة في ذلك تجدون على الرابط أدناه مقال سابق قد قمت بنشره في مجلة الشركة "غازكو" في عام 2007-1428 عن كيفية التعامل مع حوادث غاز البترول المسال http://t.co/4w42Vbw3 . م/سلطان بن محمد الدلبحي مهندس سلامة- شركة غازكو Twitter @sultanalbrekan