عندما هبت رياح التغيير على بلاد بني يعرب مستفتحة عواصفها وزوابعها في تونس ، فاشتعلت ثورة عامة ، لم يستطع نظام ابن علي الصمود غير قليل ، حتى تهاوى سريعاً وسقط سقوطاً مريعاً ، لم يجد رئيسه بداً من الهرب تحت جنح الظلام إلى حيث يلجأ ، هذه الثورة لم تكلف شعب تونس غير القليل من الأرواح و القليل من الوقت مقارنة مع غيرها ، لأن هذا البلد لا يشكل ثقلاً سياسياً على خارطة العالم ولا أهمية اقتصادية تتداعى إليها الأكلة كما تتداعى إلى قصعتها ، وأهم من ذلك كله ، أن هذا البلد يبعد ألاف الأميال عن دولة بني يهود ، وهو ما جعل أمريكا ، سيدة اليهود والصهيونية ، لم تأبه لهذا التغيير ولم تعره أي اهتمام ، تاركة الأمر إلى أهل تونس يفعلون بنظامهم ما يريدون ، وذلك تقدير العزيز العليم . أما في ليبيا فقد كان العامل الاقتصادي بالاستيلاء على امتيازات النفط هو ثمن وقوف حلف شمال الأطلسي إلى جانب الثوار ، وما هي إلا فترة قصيرة تخللتها حالات من الكر والفر بين الثوار والنظام ، حتى هوى هو ورئيسه في مشهد دموي مثير . ونفس القول بأن البعد الجغرافي عن بني يهود جعل الغرب يترك القذافي ليواجه مصيره طالما أن ربيبتهم في مأمن . وأما في مصر ، فكان التغيير شكلياً في ظل حكم المجلس العسكري بإعلانه المتكرر أنه ملتزم بما وقع مع بني يهود في كامب ديفيد ، مماجعل الغرب وأمريكا في اطمئنان تام أنه لن يصيبهم مكروه من هذه الثورة التي مبعثها تململ المصريين من طول بقاء رئيسهم وسوء سيرة نظامه . ولكن ثورة السوريين فمختلفة جداً ، فالحدود مشتركة مع اليهود ، واتفاقيات حمايتهم مبرمة ولكن غير معلنة ، بحكم انتماء سوريا إلى دول الطوق ( المقاومة والممانعة ) ، ناهيك إلى أن بشار وزبانيته لا يمتون بصلة إلى أمة الإسلام ، فمصير اليهود مهدد بزواله ، إضافة إلى مساندة إيران له بحكم الاتفاق العقائدي بين الرافضة والنصيرية . وبما أن أمريكا مثخنة بالجراح من حربها في ديار المسلمين بأفغانستان والعراق ، فقد أوكلوا مساندة نظام بشار إلى الروس الصليبيين الذين أخذوا من الراحة ما يكفيهم بعد خروجهم المخزي من أفغانستان ، ولذلك بقي بشار وقتا أطول ممن سبقه ، إلى يأذن الله بهلاكه وزوال حكمه ، عندها سينفتح الباب على مصراعيه على اليهود ، والله وحده ، سبحانه وتعالى ، هو العالم بما ستتمخض عنه الأيام ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة . والله المستعان . سليمان علي النغيمشي