المشهد الأول : في طريقه مع ذويه إلى مكةالمكرمة لأداء العمرة ، استقبل مركز جراحة القلب بالمدينة المنورة الطفل العراقي عمر صباح نوري ( 8 سنوات ) وأجريت له عملية قسطرة تكللت - ولله الحمد - بالنجاح التام ، وخرج الطفل بصحة ممتازة وبكامل عافيته . المشهد الثاني : فيصل السليمي ، طفل سعودي ، ينتمي إلى مملكة الإنسانية بحكم الأصل المنشأ ، يعاني من نزيف حاد إثر حادث مروري ، ويعيش في غيبوبة تامة ، ويتنفس بواسطة الأجهزة الإصطناعية ، وما زال طريح الفراش منذ ستة أشهر على وجه التقريب ، ووالده لم ينفك عن مناشدة المسؤولين للقيام بما يجب عليهم تجاه ولده وفلذة كبده ، و إلى الان ينتظر الجواب . الاستنتاج : من المشهدين السابقين قد يتبادر إلى أذهاننا بعض أو كل الاستنتاجات التالية : 1- في المشهد الأول لم يناشد والد الطفل عمر نوري أحداً ، وإنما مروره العابر بأراضي مملكة الإنسانية كان كافياً لاستحقاقه تلقي العلاج ، تلك المملكة التي لم تضع قياداتها حدوداً لعطفها ،ولا قيوداً أو شروطاً على ما تقدمه من خدمات ، ولم تحدد جنسية محددة تستحق الخدمة الطبية دون غيرها ، وإنما الانتساب لبني البشر يكفي شرطاً . 2- في المشهد الثاني كان على نقيض الأول ، فلم ينفع الطفل فيصل تعداده من ضمن أبناء البلد ، ولا مناشدة والده في الحصول على حقه المفروض في العلاج . 3- إصابة المسؤولين المباشرين لما يهم مصالح الناس بمتلازمة النخلة العوجاء ، وهي داء خبيث يتعارض مع مقولة : الأقربون أولى بالمعروف ، أي أن خدمتهم والقيام بما يجب عليهم منحصر بالغريب ، وأبناء جلدتهم خارج التغطية ، وإن حصلوا على شيء فعن طريق الواسطات والشفاعات . 4- قد تكون مناشدة المسؤول عائقاً أمام تقديمه الخدمة ، لأنه متعود على تقديمها بلا مناشدة ، أو على طريقة : اتصل نصل ، أو ما يعرف بالديلفري . ( وهذا مجرد استنتاج يحتمه التندر) . 5- قد يكون المسؤول المباشر لخدمة خلق الله مصاباً بداء الشح حتى كأنه يدفع من خالص ماله لأجل ذلك . 6- خطأ المواطن في عدم الحصول على جنسية أخرى كاللبنانية - مثلاً - كان سببا في وقوعه في ذيل قائمة المستحقين لحقهم ، وفي أحسن الأحوال على قوائم الانتظار . وأخيرا : فما أحسن الاستعداد لنوائب الزمن وصروف الدهر بالحصول على جنسية أخرى تجلب لحاملها الاحترام عند من لا يقدر جنسية بلده ، فهذا مما يسهل مهمة الحياة ومتطلباتها . والله الموفق . سليمان علي النغيمشي