تمضي الأيام والأعوام سريعا إلى النهاية ألتي لا يعلمها إلا الله تعالى , ولكن عمر الإنسان يتوقف خلال هذه الرحلة عند نقطة معينة , وفي محطة واحدة , ويكون ذلك التوقف لمرة واحدة , فليس هنالك توقف أخر قبله لوقت (مستقطع) أو ما شابه. وبما أن العمر محدود , وقصير ولو طال , وقد رحل من رحل وبقي من كان له بقية من عمر , فلاشيء يستحق والحال كذلك أن يحمل الإنسان في قلبه غل لأحد. فالحمد لله أن المؤمن أمره كله خير كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم , فكل عام ينتظر المسلمون في كل بقاع الأرض شهر الخير , رمضان المبارك , ويدعون الله تعالى أن يبلغهم إياه ويرزقهم صيامه وقيامه , ولكن البعض ممن استجاب الله لهم وبلغهم هذا الشهر الكريم , قد يبلغوه وبينهم وبين أحد من أقاربهم أو أصدقائهم أو معارفهم , خلافا قد يكون قديما وقد يكون حديثا , كما أنه قد يكون لسبب تافه أو بسيط , وقد يكون حله سهلا ولكنه تُرك بسبب المكابرة , وعدم المبادرة من أحد الأطراف لحله . ومواسم الخيرات كرمضان لا يجب أن تذهب هكذا , بل يجب أن يستغلها المؤمن بما يعود عليه بالنفع في دنياه وأخراه , وذلك بفعل الطاعات , والعبادات , والتقرب إلى الله. ومن ذلك العفو والصفح قال تعالى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) لذا فأنني أوجه دعوة للتسامح , والتصالح , وتصفية النفوس , ومهما كان حجم الخلافات يجب أن نرفع شعار (عفا الله عما سلف) مع أنني أعلم أن لسان حال البعض يقول لقد طلبت المستحيل , وهؤلاء قد أجد لهم العذر فبعض الأمور لا تغتفر ولا يمكن أن تنسى , أو يتجاوز عنها بسهولة , فهي قد أوغلت في النفوس وتركت في القلوب جروحا لا تندمل , ولكن عليهم المحاولة , وليتذكروا أنه لا يضيع عند الله شيئا. ولنبادر جميعا بحل كل الخلافات العالقة , وتصفية علاقاتنا من كل شائبة علقت بها فكم من سوء فهم بسيط أدى إلى قطيعة طويلة , وكم من كلام نقل محرفا أو زيد عليه أدى إلى الحقد والبغضاء وقطيعة الرحم , فلو كانت هناك مواجهة بين المنقول له والمنقول عنه لفضح أمر الناقل (النمام) وعرف أنه لا يوجد خلاف أصلا , وإنما وجد من يمشي بالنميمة. فلتكن دعوة واحدة فقط إلى الإفطار بين المختلفين , ويكتب الله فيها أجران إن شاء تعالى , الأول أجر تفطير صائم , والثاني أجر المبادرة إلى إنهاء الخلاف , هي المفتاح السحري لفتح القلوب وتصفيتها. وكل عام وانتم بخير ورمضان كريم . سلطان الميموني