البطالة الداء الذي فتك بالشباب وجعلهم في حيرة من أمرهم، وهو بذلك يسعون جاهدين لكن قلة ذات اليد أصبحت مصيرهم المحتوم وطريقهم المرصود!، ومهما قلنا عن وضع البطالة في مجتمعنا فإن الحلول التي عرضت و تعرض بين الفينة والأخرى ومنها حافز مثلا أشبه بحبة ( بندول ) تسكن ولا تشفي !. والواقع يتحدث بصراحة تامة أن البطالة تعالج لدينا من الرأس أو من الأعلى دون النظر إلى تفاصيلها ومكوناتها البنيوية والتركيبية الأساسية التي أنتجتها، والحديث عن البطالة يستدعي الحديث عن التعليم!. فالعلاقة بينهما أشبه بعلاقة الدجاجة بالبيضة أو العكس وهو صحيح طبعها، أما لغز أيهما أسبق فاتركها لعقول البطالة التي أنتجها التعليم لعل في تعليمه ما يحل هذا اللغز!. حين النظر إلى التعليم أو إلى وزارة التربية والتعليم بشكل عام، فثمة ترسب يحيط بالعقول وتكشفه الألسن حين تسأل سؤالا واضحا وبينا لمن يريد الإجابة : كيف هو حال التعليم لدينا ؟ فتأتي الإجابة بكل وضوح وبكل اختصار أيضا هكذا : ( إخراج اللسان ) وبودي أن أضع صورة لسان هنا ليتصور القارئ ما لا تصوره الكلمة!. تنتهي الإجابة ويتبعها زخم من الكلمات المعبرة عن وجع التعليم وألمه لدينا، وحقيقته التي جعلت كل من يمارس هذه التعليم يشعر بمزيد من ( الإحباط ) و ( اليأس ) و( عدم الاهتمام ) وهي تتراكم بشكل مذهل ومدهش في القلوب والعقول، بل يشعر غير واحدٍ من المعلمين بنوع من ( الملل) ويسعى إلى ( الهروب ) بأي وسيلة إلى مجال آخر سواء ( مديرا) أو ( وكيلا ) أو (مشرفا) أو ( مرشدا ) أو حتى موظفا إداريا، هذا كله يتبعه ملل آخر من قبل ( الطلاب ) وعدم مبالاتهم وعدم رغبتهم بالعلم أو المعرفة نتيجة الإحباطات المتوالية التي تصاحب مسيرة من يشاهدون من إخوانهم أو أخواتهم أو غيرهم من أقاربهم حتى (حافز ) أصبح ( بيضة فاسدة)!. لا يستسيغها الآكلون !. لأن هذا الطالب لحافز أجهد نفسه وقضى ثلث عمره في التعليم العام والجامعي ولكن من دون فائدة ، لقد خرج من التعليم لا يتقن شيئا ولا يحسن أن يتقن ولا يعرف أن يمسك آلة أو يصنع قريبا منها، والسؤال: من يتحمل مسؤولية ذلك ؟ الجواب ، يتحمله التعليم، فالتعليم هو نتاج الأمم وبناء الأوطان، وعليه تقوم قائمة كل دولة وعمادها شبابها، التعليم النظري كما هو حاصل لدينا لا يقدم شيئا ولا يصنع وطنا، والمؤلم أن الواقع يزداد سوءا والحال يتفاقم كدرا، التعليم الذي لا يعلم كيف نصيد سمكة لا نريده أن يطعمنا كل سمكة من ذهب!، واقع التعليم وما وصل إليه يوحي بمزيد من الألم والوجع الذي لا تسطره الكلمات ولا تفي به العبارات، فالطالب الذي لا يقرأ ولا يكتب يعطى شهادة نجاح ومن يحسن شيئا منها يعطى شهادة تفوق، أما النجاح فهو أيسر الموجود بعد أن كان أعز مفقود!، وأما التقويم المستمر فهو ألمٌ في خاصرة التعليم ليس لأنه سيء في فكرته وأسسه وقواعده، ولكن تطبيقه وتعامل المعلمين معه، وتجاهل الأسر لنظامه جعله فاسدا، التقويم المستمر يحتاج إلى وعي اجتماعي عالٍ ليقوم كل بواجبه تجاهه. إن واقع التعليم أنتج بكل بساطة ( بيضة حافز ) التي لم تسمن ولا تغني من جوع!. أحمد اللهيب