من الملاحظ أن الهيئة انتقلت من مرحلة الشيخوخة إلى مرحلة الاحتضار، وهانحن نسمع صدى غرغرة روحها في كل مكان من أرجاء هذا البلد، هذه النقلة حدثت بعد أن أوكلت لرجل مبادئه تتعارض مع أحد أهم أعمال الهيئة الأساسية وهو منع الاختلاط، ولعل ما يحصل في الجنادرية من رقص واختلاط ودخول الشباب مع فتيات دون سابق معرفة أو قرابة، وأيضاً مقاومة أفراد الحرس الوطني لرجالات الهيئة بدلا من مساندتهم، يدل على أن الهيئة تعمل بروح أفرادها وبمعزل عن إدارتها الجديدة. أتساءل لماذا يتم توقيف بعض المحتسبين بينهم 3 من المشايخ الفضلاء عندما أنكروا مايحدث في الجنادرية من مخالفات شرعية واختلاط ووصل الأمر الى الخلوة كما قرئنا في بعض الصحف، وتجمع عند الشاشات ورقص، وكأننا في أحد الكازينوهات مع أن خادم الحرمين الشريفين وفقه الله وسدده أمر بعدم إقامة الأوبريت والعرضات تضامناً مع الشعب السوري، فهل هذه المراقص والحفلات العلنية ليست من مظاهر الفرح وأين هو الإحساس بإخواننا السوريين؟. توقيف المحتسبين، ومقاومتهم اليوم الثاني ومنعهم من الدخول للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يدل على أن إدارة الهيئة تغط في سبات عميق وبإرادتها وبأمر من رئيسها أو خوفا على منصبه الجديد، مع أن الأولى أقرب للواقع، فلو كان الأمر خوفا على المنصب فليدع غيره يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن منكرات الجنادرية الكثيرة، لكن رئاسة الهيئة أنكرت على المحتسبين تدخلهم وكأنهم يقولون نحن نقوم بما يلزم وليس هناك ما يدعوا لتواجدكم والأمور على مايرام. أما هذه الشاشات السيئة المترنمة بالأغاني والمخالفة للأمر الملكي وتوقيف رجال الحسبة يدل أيضاً على أن هناك من يعطي أوامر جديدة تخالف مراد الملك، فإيقاف الأوبريت مع استمرار الأغاني إنما هي ازدواجية في الفهم والتطبيق ومخالفة لايرتضيها غالبية الشعب السعودي، وهذه ليست أخلاقنا، فقد وقفنا مع الشعب الكويتي والبحريني وغيرهم ولن نتخلى عن الشعب السوري ولو بأضعف الايمان بالإنكار بالقلب، وما حصل في الجنادرية من مفاسد واختلاط ورقص وغيره لايعبر عن ثقافة الشعب السعودي ولا عن تدينه بل يمثل شلة من المراهقين هداهم الله، أما القرارات المخالفة ومنع الاحتساب فبكل تأكيد جاءت من مراكز الدعم الليبرالية المتمكنة والمعروفة للجميع. عدم تفاعل قيادات الهيئة مع أحداث مثل هذه يدل على قرب منية الهيئة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولا يخفى على أحد أن الهيئة محاربة حربا ضروسا اشترك فيها العلمانيين والليبراليين وبعض الفرق الجديدة وكثير من الشباب الضائعين في ميادين الغزل والانفتاح، بل وسخرت بعض الصحف نفسها لتتبع أخطاء الهيئة بتركيز عالي وتفاني عجيب!! والمخجل أن يتزامن ذلك مع وجود ملايين من الفقراء والمساكين، وملايين من العاطلين، وملايين من الشباب لم توفر لهم فرصة دخول الجامعات ومن تمكن من الدراسة سيتخرج ليزيد عدد العاطلين، وملايين من المستأجرين لا يملكون منازل، وملايين ضاعت مدخراتهم في الأسهم ... الخ. أما المحزن .. أننا نسوّق للجنادرية وبكل فخر على أنه تراث الاجداد، فهل كان الاجداد يتراقصون رجالاً ونساءاً وبهذا المنظر، أم أنها كانت عرضات تقام حال الحروب والأزمات .. والسؤال هل كل الشعب السعودي يفتخر ويعتز بملهى وكازينو الجنادرية؟. الكاتبة بدرية بدر [email protected] @BadreahBader