استمعت إلي الأخبار صباح الخميس الماضي وفجأة ورد اسم الجنادرية وأن ثمة حدث جسيم قد وقع فيها.."يا للهول"..ولأني ليلة الخميس قد نمت باكرا لأسباب صحية تتعلق بتقلبات الأجواء السريعة هذه الأيام فقد لعب بأعصابي التفخيم والتهويل الإعلامي وتصورت بعيد عنكم خيالات لم أشاهدها في المنام ولا حتى في كوابيس الأحلام. تخيلت الجنادرية بمبانيها المؤقتة وحظائرها الهشة وقد تحولت إلى أكوام من القش ,وأن ساحة المعركة قد أمتلئت بمئات القتلى والجرحى يا ساتر! فتحت النت قفزت إلى الواجهة أمامي مقالة مشئومة وكأنها أكدت هذه التخيلات السيئة التي أنتفخ منها رأسي المثقل بالهموم .كان عنوان المقاله "غزوة الجنادرية"..وضعت يدي على رأسي وصرخت يالطيف ألطف بنا ياكريم, وبما أننا في عصر التقنية والأسلحة المتطورة فالمؤكد أن الجانبين في الغزوة المذكورة في المقالة المنحوسة قد استخدموا كل المتاح من الأسلحة العصرية بدء من الدبابات والمدرعات والقنابل وبالتأكيد فإنهم لن يلجئوا للأسلحة التقليدية من سيوف وخناجر وسكاكين لذلك تصورت الحدث جسيما فأشفقت على جنادرية رياضنا الجميلة, ووسوس لي الشيطان لعنة الله عليه بسيناريوهات غاية في الإزعاج ليس أقلها أن تلك البقعة التي تكتنز كل ذكريات الأجيال الجميلة قد سويت بالأرض. اغلقت الجهاز وركلته بعيدا لأنه قد تآمر علي ليفسد علي يومي الجميل من صباحه الباكر..ارتديت ملابسي ونزلت مسرعا وما أن فتحت باب المنزل حتى أرتطم وجهي بوجه جاري فصرخ بي صرخة أتت على ما بقي عندي من تركيز وثبات وقال بصوت مرتفع ومزعج ومستفز يادكتور"وينك"رديت عليه بسرعة لأني كنت في عجلة من أمري..خير فيه شيء؟وضع يديه على رأسه وقال الدنيا مولعة وأنت نايم..الجنادرية مولعة..مصادمات وعنف واسترسل في حديثه ولأني ادركت أنني أن بقيت استمع إليه فإنه سيزيد من توتري فودعته وأسرعت لركوب سيارتي وحال وصولي إلى مقصدي تناولت الجريدة..أخذت أقرأ في التفاصيل. وجدت أن الخبر عادي لا يستحق كل هذا التهويل فخمسون محتسبا توجهوا للجنادرية مساء الأربعاء وحاولوا الدخول بالقوة لمقابلة المسئول, ولكن تم منعهم وتفريقهم والقبض على عدد منهم وشحنهم بالباص, ثم الإفراج عنهم. خبر لا يستحق كل هذه الضجة ولا التفخيم ولا حتى تصوير هؤلاء المحتسبين بالجهلة والمتخلفين والمراهقين فهم ببساطة مواطنون من حقهم أبداء رأيهم كأي مواطن, وإيصال رسالتهم..صحيح أنهم لم يختاروا الوسيلة الصحيحة ولا الطريق السليم لكن كان بالإمكان احتوائهم,وتفهم مقاصدهم وتحويلهم لأصحاب القرار هذا هو الواجب..ورغم طريقتهم التي اعترضت عليها وسائل الإعلام كثيرا وفخمتها ربما لأسباب تتعلق بخلفيات عدائية تاريخيه لكن الرسالة وصلت لولي الأمر يحفظه الله وهو المبادر دائما لفعل الخير فأصدر قراره بمنع كل ما يؤدي إلى احتقان الناس أو يمس ثوابت الدين, وإيقاف أي مظاهر للغناء والرقص ليتحول المهرجان إلى فعاليات تراثية وشعبية تحت أنظار الهيئة كجهة رسمية معتبرة. أي إنسان مسلم هو محتسب, والاحتساب لا يخص فئة دون أخرى, وعندك أنا العبد الفقير إلى الله ممكن تسجلني واحد محتسب..أضيفوني لدفاتركم, لكن احتسابي سيكون مقصورا على ذاتي وأسرتي وأهل داري..ولن يمتد احتسابي بالتأكيد إلى الآخرين فلست وصيا عليهم بوجود دولة بمؤسساتها السياسية والدينية والأمنية, وبوجود جهاز الحسبة الضخم"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"..احتسابي خارج الإطار الذي رسمته سيكون بقلمي مطالبا بتوظيف الشباب, وتخفيض الأسعار, والحرب على الفساد, وإن حصل زيادة الرواتب, وإقرار بدل السكن وهكذا..لن تحركني رسالة تويترية لأهرع لكل موقع أدخل فيه في عراك مع المنفذين والذين لا يملكون من الأمر شيئا..ولن أستجيب لأي صوت يأتيني فأنضم لعشرات المتوجهين لمواقع الأحداث..لأني فقط أدرك أن الدخول يكون من الأبواب وصولا للمسئولين أصحاب القرار. د.عبدالرحمن الشلاش [email protected] تويتر: @abdulrahman_15