لم أشعر يوماً ما بخيبة أمام قيمة الريال السعودي إلا خارج المملكة.. فعلبة المشروب الغازي تصل إلى 5ريالات، وتذكرة القطار تتجاوز المائتي ريال!! وتكلفة الدخول لمدينة ديزني الترفيهية تعادل الخمسمائة ريال!! وملئ وقود سيارتي بستمائة ريال!! وراتبي آنذاك لم يتجاوز السبعة ألاف ريال!!! هل عرفتم لماذا أصبت بالإحباط!!. لأنني آمنت بالمثل القائل ( من طلع من داره قل مقداره )!! على الرغم من أن اقتصادنا يتضاعف.. والله يطول بعمر البترول (الله يطول بعمره) . وكنت أناقش العديد من الزملاء ممن جرب العيش خارج المملكة أو كثيرو الأسفار لتجارة أو علاج أو تدريب، فأجمعنا على اقتراح "رفع الأسعار" لأننا لم نعد بمعزل عن اقتصاديات العالم، ما دمنا في صدارة الدول المستهلكة لمنتجات مستوردة، حتى شماغنا السعودي صناعة انجليزية!! فالبنزين والكهرباء والغاز والماء وحتى قطاع الاتصالات والمواد الغذائية مقارنة بالدول المتقدمة اقتصادياً نعتبر الأرخص، ويحس بها من جرب العيش في غير السعودية، لكننا نتلظى بنيران الغلاء في السلع المستوردة فالكامري كانت بأربعين الف والآن تجاوزت الثمانين الف، في زيادة بلغت أكثر من الضعف!! والأراضي تضاعفت ثلاثة أضعاف!! وايجار المساكن "تدبلت" !! والرز وما أدراك ما الأرز!! كل هذا مقابل زيادة دخل الناتج المحلي للفرد لم تتجاوز 15%!!! وفقاً للمؤشرات الاقتصادية التي رصدت ارتفاع نصيب الفرد السعودي في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي إلى 81,2 ألف ريال بنسبة نمو 27,6% بعد ان كان 63,6 ألف ريال العام الماضي، مرتفعاً بنسبة 15,3% عن قيمته في عام 2009 وفقا لصندوق النقد الدولي نقلاً عن صحيفة الرياض. صدقاً .. لن نعيش بمعزل عن العالم.. ولن نتقوقع في ديارنا، ونغمض أعيننا، ونسد أذاننا عن ما يحدث حولنا، لأننا نسدد فواتير الغلاء للاقتصاديات العالمية؛ والحل واضح المعالم أمامنا بأن نقبل الغلاء، مقابل رفع الدخل للمواطن السعودي في القطاعين العام والخاص، وتقديم الإعانات الاجتماعية للأسر المستفيدة كحقوق شهرية معتبرة وليست شرهات سنوية!! وتعزيز الضمان الاجتماعي والإسكان التنموي، وإن كانت على حساب وقف التضخم اللامعقول في ثروات رجال الأعمال والتجار لدينا، وإن خفتم تسرب رؤوس الأموال الوطنية فإلى الجحيم ويجب أن نسهل لهم الخروج!! (والله يرحم ايامك يا غازي القصيبي !!) فرؤوس الأموال الوطنية تتنكر لنعمة الإستقرار الإقتصادي في المملكة، ورؤوس الأموال الأجنبية لا تستطيع العيش في بيئة الاقتصاد المتواضع، لأن المواطن السعودي ليس لديه مدخرات تتوافق مع خطط المستثمر الأجنبي لأنه لن يرضى بتخفيض السعر على حساب الجودة ! فأهلا بالمستثمر الخارجي وعلى الرحب والسعة.. فأنا أريد أن أزور دبي والكويت والدوحة وحتى المنامة دون أن أشعر بالخجل من قدراتي المادية كمواطن سعودي .. فهد الفهيد www.فهد الفهيد.com