هذه إحدى الفروقات بين تفكيرنا و تفكير الغرب (أقصد عامة الناس الذين يشكّلون الغالبية العظمى و ليس السياسيين), سنرى أن هناك فرقا كالفرق بين الثرى و بين الثريا التي تبعد 440 سنة ضوئية, بل إن تفكيرنا الإيجابي و اهتمامنا بالعلوم قد يكون أبعد من ذلك, فمتى نهتم بالجوانب العلمية في الحياة بدلا من التخبط و النقد المتواصل للخلافات و لكل ما يتصفحه الشخص في الصحف من أقوال. هذا مثال واحد لاهتمامات مجموعة من البشر هذه الأيام. لو قلت لعامة الناس على سبيل المثال: نريد أن نتبرع للخفافيش لنحميها, فقد تصعق و ربما يتهمونني بالمجنون أو المعتوه أو المريض نفسيا, أليس كذلك؟!! هناك أمانة في بريطانيا لحفظ الخفافيش (Bat conservation trust) بسبب قلة أعدادها تعمل منذ أكثر من 10 سنوات و فيها أكثر من 2000 متطوع (غير مسلمين) يقومون بمسح أكثر من 3000 منطقة و يجمعون تبرعات لحمايتها و أن التبرع ما زال مفتوحا لكل من يريد المشاركة و هو ما أبهرني إلى أقصى درجات الانبهار. الخفافيش جزء من تريليون جزء من اهتمامات لا يمكن أن تخطر ببال أحد منا. نفهم من هذه الأمانة أننا نحن مسلمون نظريوون و هم مسلمون عمليوون. هذا من عمارة الأرض التي هي مسؤولية كل مسلم. لماذا لا نهتم بالحياة الفطرية و نثقف أطفالنا عن حملة "نحميها لتنمو" و أن لهذه الكائنات دور في توازن الحياة على الأرض حتى و إن لم تكن هناك فائدة مباشرة منها, فإن هناك حكم لا نعلمها و قد يعلم بعضها البيولوجيوون أو الأحيائيوون. يستجيب الأطفال أكثر من غيرهم في مثل هذه القضايا. الجهل هو الذي دفع أحدهم لقتل 20 غزالا بدون مبرر, و هذا من الإفساد في الأرض. الرفق بالحيوان من الأمور التي لا يتحدث عنها هذه الأيام, و في هذا العمل أجر, فإن الذي ملأ خُفّه ماءً في البئر قد تعب و عانى ثم رقي حتى سقى كلبا فشكر الله له فغفر له. و من الناحية الأخرى, تذكر رعاك الله المرأة التي حبست الهرة حتى ماتت فلا هي أطعمتها و سقتها و انظر إلى العقوبة الإلٰهيّة بسبب هذا الفعل و بسبب قتل الكائنات. الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو ما ذكره الشيخ سلمان العودة قبل أيام: "أقول بملء فمي: واحسرتاه! واخسارتاه! إن كان العمر ينتهي و هذه هي الإنجازات و الأعمال, إنها لا تليق بنا", فتذكرت هؤلاء المجموعة من البشر الذين يهتمون بهذه الخفافيش و بجمع تبرعات لها حتى تساعدهم في دعم بحوثهم و الحفاظ عليها. إن عدم اهتمامنا بالجوانب المختلفة في الحياة هو سبب اهتمامنا بأتفه الأمور. نفهم أيضا أن الفرق في العلم, فهم لم يؤسسوا هذه الأمانة إلا بسبب إدراكهم بأهمية هذا الأمر. نصيحتي هي الاهتمام بجوانب الحياة المختلفة. اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا. عبدالرحيم حكمي – جيزان [email protected]