فجر اغتيال أسامة بن لادن مشاعر متباينة بين مؤيدين زفوه سيدا لشهداء العصر ، ومعارضين وصفوه بزعيم الإرهابيين ؛ فأي الصفتين هي الوصف المناسب لابن لادن؟ لا يختلف اثنان أن تنظيم القاعدة لم يلتزم إطلاقا بضوابط ( الجهاد ) من المنظور الإسلامي ، ولا بأخلاقياته ، وتحولت حركاته القتالية في العقد الأخير إلى ( عنف محض ) ؛ وذلك بقتل المدنيين من المسلمين وغيرهم ؛ فقد قام بتفجيرات عديدة في الرياض والرباط ومدن العراق وغيرها من المدن الإسلامية راح ضحيتها المئات من ( المسلمين الأبرياء ) فضلا عن غيرها من تفجيرات في أماكن مدنية في مدريد ولندن ، فمن هذا المنظور لا يستطيع أي باحث إسلامي محايد أن يحكم بجهادية ( القاعدة ) بل يجزم بطمأنينة أن الأمر لا يعدو أن يكون عنفا يصنف في خانة ( العنف الثوري ) فهل حركة القاعدة القتالية هي ( عنف عبثي) ؟ لا يمكن تقييم ما قامت وتقوم به القاعدة من دون أن نفهم طبيعة الصراع الدولي في العالم ، فثمة مساع امبريالية غربية للسيطرة على العالم وتوجيهه حسب مصالحها يقابله من طرف آخر حركات مقاومة ( نضالية ) لتلك النزعة الامبريالية تنطلق في بعض البلدان من منطلقات يسارية ، وتتخذ لدينا في العالم الإسلامي منطلقات إسلامية ، ف( الإسلام ) هنا أرضية أيديولوجية تشكل وقودا لتلك الحركات المقاومة المناضلة ، بالأفكار ، والحشد ، والتجييش ، والتجنيد ؛ وهذه الحركة النضالية تستبيح كل شيء في سبيل مقاومتها ؛ كالاغتيالات ، والتفجيرات في الأماكن العامة ، والخطاب الثوري المشوه للمعارضين لها من مفكرين وعلماء وساسة ، وضد الأنظمة والدول باعتبارها تدور في فلك الإمبريالية ، فالغاية هنا ( مقاومة الامبريالية ) تبرر الوسيلة ، والوسيلة هنا هي كل شيء ممكن عمله من دون أي ضابط أخلاقي أو ديني . هذا الواقع جعل كثيرين من مؤيدي القاعدة و ابن لادن في مأزق أخلاقي حينما يصفونهم ب( المجاهدين ) ؛ وكثير من أعمالهم القتالية لا تنتمي للجهاد من المنظور الإسلامي . وفي المقابل غابت عن المعارضين لابن لادن بشاعة وشراسة الإمبريالية الغربية التي جعلت مقاوميها ينزلقون إلى ممارسات لا أخلاقية في مقاومتها . الأمر أيها السادة ( نضال ثوري ) لا سقف أخلاقي له يسير على خطى ( النضال اليساري ) في الستينات حيث لا صوت ولا قيمة تعلو فوق النضال ومقاومة الإمبريالية ، ومن هنا فالمشاعر تجاه نضال ( القاعدة ) تتنازعها الإيجابية بالنظر لوجهها الحسن بمقاومة الإمبريالية الغربية ، والسلبية بالنظر لوجهها البشع بقتل الأبرياء . سليمان الضحيان أكاديمي سعودي