قلت في مقال سابق قبل أكثر من ثلاث سنوات إن المبررات لأي حادث انتحار أو هروب من واقع مرير يذكر وبمجرد الحديث عن تفاصيله يأتي في نهاية الخبر عبارة ( الجدير بالذكر أن المنتحر أو المنتحرة أو الهارب أو الهاربة يعاني من أمراض نفسية ) وهذا لا يصح دائما , ولنكن مدركين وواضحين , فليس كل من أقدم على هذا العمل مريض نفسي , وربما يكون نسبة منهم كذلك , لكن ليس أغلبهم بل هناك سبب قاهر قاده لهذا العمل لكن وبما أنه عرف عنا أننا مجتمع محافظ ولنا خصوصيتنا التي أصبحت شماعة نعلق عليها عدم ذكر مبررات أي شيء !! فنقول مريض نفسي لأنه مات أو ماتت أو هرب أو هربت , ولن يعود أو تعود إلى الدنيا ويقول أو تقول الحقيقة !! ومناسبة هذا الكلام هو ما قرأت قيل أيام في إحدى الصحف المحلية أن فتاة عشرينية هربت من زوجها الستيني الذي أرغمت على الزواج منه بماركة من إخوتها الذين يرغبون التخلص منها بأي أسلوب كان , والدليل أنهم لما استلموها من الشرطة , قالوا للشرطة : إننا لا تستغرب ما قامت به فهي في الأصل ( مريضة نفسيا ) وهنا مربط الفرس , لأنهم لن يبوحوا بالسر الدفين الذي أخفوه ليستلموا قيمتها عدا ونقدا وترمى إلى رجل بهذا السن ويتجاوز سنها أضعافا مضاعفة , ليتخلصوا منها , إذ هي هم جاثم على صدورهم . ومثلها الفتاة التي كانت قد عادت من جامعتها متعبة ومثقلة بهمومها ومناهجها التي تنوء بحملها البغال الشديدة البأس , فتتفاجأ بهجوم كاسح من زوجة أبيها الأجنبية وكأنها شيطان رجيم , وتتوالى عليها عبارات السب والشتم كأنها مطارق يعقبها اعتداء عليها مهين وهي بلباس الجامعة , مما جعلها تضطر للدفاع عن نفسها مكرهة وترد سياط زوجة والدها المتسلطة عن جسدها البريء , وبعد حضور والدها وهو الذي من المفترض أن يكون أرحم الناس بها خصوصا وأن أمها قد ودعت الدنيا مبكرة , فيفاجئ الجميع بإدعاء باطل أمام المحققين ويقول بكل جرأة _ مع الأسف _ بأن ابنته مريضة نفسيا منذ زمن , وكل ذلك دفاعا عن زوجته المصون , فتدخل ابنته في حالة بئيسة لم تخرج منها إلا وقد ضاعت دراستها التي تعبت السنين عليها , بل ضاع مستقبلها , وربما حياتها كلها بسبب دعوى باطلة قادها بكل جرأة من هو أقرب الناس اليها , والسبب امرأة لا تخشى العقوبة من الله , أمام فتاة بريئة لا حول لها ولا قوة . والقصص في هذا المجال يضيق بي المقام لو استعرضتها بتفاصيلها المملة , لكن بعضها يكفي عن سردها , بل والصحف ومواقع الإنترنت تضيق بها , وفي كل لحظة بقصص يندى لها الجبين . لكنني أؤكد على أن سبل العلاج والحد منها بدلا من أن تضيق بها ملفات المستشفيات وأقسام الشرطة وتكون مجرد أضابير يتم جمعها للإحصاء وعلى مر الزمن هو أن تتم دراستها دراسة متأنية تتمثل في تضامن جميع الجهات الموثوقة و التي تباشر مثل هذه الحالات سواءً الصحية أو الأمنية أو الاجتماعية ليتم تكليف لجان من عدد من المختصين لدراسة كل حالة على حدة وجمع الخيوط المتعلقة بمن قام بهذا العمل ومن كل الأطراف المحيطة به بشرط أن تتميز بالسرية و الدقة من خلال أساتذة مختصين في علم النفس وضباطاً أمنيين وأطباء مهرة لهم باع طويل , ويكون لذلك مرجعية يتم من خلال المعلومات المتوافرة لديها البحث الجاد عن العلاج المناسب والحل الجذري بل والقضاء على مثل هذه الظاهرة والتي قد تكون في النهاية ليست مرضاً نفسياً بل قضايا أسرية أو مرضية أو حاجةٍ أو فاقه أو اضطهاد أو غيره , بالإضافة إلى التوعية بتحريمها في الإسلام وشدة عقابها , بدلا من الصاق التهم جزافا ممن لا يخاف الله ولا يتقه حفظنا الله وإياكم من كل مكروه أسعد الله أوقاتكم عبد الرحمن بن محمد الفرّاج [email protected]