بالأمس القريب تلقينا جميعاً خبر كارثة أقضت المضاجع وأدمت القلوب وأسالت الدمع من محاجره ولا تزال آثار تلك الكارثة باقية في نفوس من تأثر بها- مباشرة-، بل وفي نفوس من سمع بها وإن كان بينه وبين أصحابها آلاف الكيلومترات لأن المسلمين- كما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم -:\"مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر \" رواه مسلم ولم تكن تلك الكارثة لتحدث أو لخفّت تبعاتها على أقل تقدير لو كان الأساس سليما والبنيان راسخاً. يقول البحتري: إذا ما الجرحُ رُمَّ على فسادٍ.......... تبيّن فيه تفريطُ الطّبيبِ ويقول أبو الطيب: فإنّ الجرحَ ينفِر بعد حينٍ ............ إذا كان البناءُ على فسادِ نعم إن البناء قام على أساس فاسد فتصدعت أركانه يوم تم اختباره فتبين بذلك عدم الإتقان المتفرع من عدم الإخلاص الذي وجهنا إليه ديننا الحنيف، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :\"الدين النصيحة \" ثلاثا . قلنا : لمن ؟ قال : \" لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم \" . رواه مسلم ،ويقول مشدداً على الإتقان في العمل :\"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه\" لكن المؤسف- بل والمحزن- أنك لاتجد لهذا التوجيه النبوي- الكريم- صدىً عند بعض القوم بل ولا تجد –أيضاً- للوطنية مراعاةً مع أن من يسكن الوطن تربطهم روابط القرابة أو المصاهرة وإن لم يكونوا كذلك فكفى بأخوة الإسلام سبباً لمراعاة ذلك. إن هذا النوع من البشر لايتردد في أذنيه إلا صدى رنين الدراهم والدنانير فقط فأصم ذلك إذنيه عن سماع الأنين والشكوى، بل وأعمى بريقُها عينيه عن مشاهدة آثار فساده فبقي يسير على البسيطة وكأنه غير معني بالأمر بل وكأنه من كوكب آخر غير الأرض، ولاعجب أن يوجد مثل هذا \"الدعيّ\" -على المجتمع- بيننا فلقد أخبر حبيبنا- صلى الله عليه وسلم- بوجودة وكثيرٍ من أمثاله وسماه عبداً للدينار والدرهم، بل ودعا عليه بقوله: \" تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ،طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة وإن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع \" . رواه البخاري إن عبد الدينار هذا لن يكون يوماً من الأيام مخلصاً ثم لن يكون لعمله متقناً لأن للإخلاص في العمل والإتقان فيه ثمن باهض ودفعه من قبل هذا \"الدعي\" مستبعد بل لا أبالغ إن قلت إنه مستحيل . نعم قد تتعجبون –أيها الإخوة – من تسميتي لهذا الرجل ب\"الدعي\" لأول وهلة ولكن إذا أمعنتم النظر في تصرفاته وجدتم أنه جدير بهذا الوصف لأن ضرره على مجتمعه أكثر من نفعه- إن كان هناك ثمّ نفع- ومن كان حاله كذلك فليس له الحق بأن ينسِب نفسه إلى الوطن وأهلِه بل الأجدر به أن ينسب نفسه لوطنه الحقيقي وهي خزانة ماله وما فيها من دراهم ودنانير فهي أهله وخاصته فقط. إن هذا \"الدعي\" هو السبب الحقيقي فيما يحصل في مجتمعنا من كوارث بل إن وجوده بذاته في المجتمع يعتبر كارثة تحتاج إلى نظر في أسباب وجودها. لقد كان لهذا \"الدعي\" بالأمس وجود قوي في غرب مملكتنا الحبيبة وهاهو اليوم يؤكد وجوده في عاصمة بلدنا الحبيبة ولولا لطف الله- سبحانه- لرزئنا بأحبابنا ولوقفنا اليوم نتلقى التعازي بهم لكنها رحمة الله- سبحانه- فله الحمد والشكر . أتعجب من صفاقة وجه هذا الدعي وقلة حيائه!!، فجدرانٌ خرسانيةٌ لم نتوقع منها أن تتصدع وجدناها تتهاوى كجبال الثلج في القطب عندما ترتفع الحرارة!!، بل و\" صباتٌ\" خرسانية يستخدم أمثالها لمقاومة أشد أنواع التفجير فضاعة نجدها تتفتت كما صخر الجير عندما يجري فوقه الماء!!، ثم أنفاقٌ صرفت لتشييدها المليارات من الريالات تتحول مصيدة لمن مر بها من السيارات!!؛ والسبب أن \"الدعي\" لبخله لم يتوقع أضعف الاحتمالات فضلاً عن أن يكون أسوأها فاستورد الرديء من المضخات،وحتى الرحمة بالطفل لم تتواجد في قلب هذا \"الدعي\" لتحجزه عن بعضِ من سوء فعله ،فلقد رأيت بأم عينيَ المظلة التي أقامها –في روضتهم- ليرتعوا ويلعبوا تحتها ساقطة من أثر الرياح قد هشمت ماتحتها من ألعاب ولولا لطف الله وكون البلية جاءت بعد الدوام لكان الولدان الآن في عداد الأموات. نعم إننا نريد أن يفتضح أمر هذا \"الدعي\" ويعرّف الجميعُ قدره لينفيه المجتمع بأكمله، وهذا ما نأمله من قيادتنا- حفظها الله- خصوصاً وقد تكررت الأحداث . .............وإلى اللقاء على خير. وكتبه : خالد بن ناصر العلي [email protected]