بعد أن ضاقت حتى استحكمت حلقاتها وضن أنها لن تفرج استبشر العاطل السعودي خيرا حينما رددت وسائل الإعلام : \" السعودة .. السعودة \" فحمل ملفه ( العلاقي الأخضر ) وأخذ يركض هنا وهناك حتى أدركه الصباح ، فرأى \" السعودة \" على ضوءه مجرد اجتهادات شخصية وقرارات عشوائية وارتجالية ، و.. مزيدا من الإذلال من خلال ( تكفى وأرجو واسترحم !) واستمر على هذا الحال حتى وجد نفسه في سوق الخضار يعمل بائعا عند تاجر الخضار الأجنبي ! فقال في نفسه : \" ما إلك \" إلا صندوق تنمية الموارد البشرية فوجده صندوقا فارغ المضمون والمحتوى إلا من الضجيج الدعائي . وفي هذه الأثناء أخذ يعيد \" شريط \" الذاكرة ، فتذكر أنه كان يعمل في مجال النقل البري ، ويكسب رزقه وقوت أسرته ، حتى جاءت شركة النقل الجماعي فضيّق عليه الخناق حتى مل وهجر المهنة ، فهو بالطبع كفرد لا يستطيع منافسة شركة عملاقة كشركة النقل الجماعي ، والأهم من ذلك أن الشركة ظلت محتكرة لسوق النقل العام دون منافسة فكان ذلك ضد المواطن \" راكبا \" أو باحثا عن رزق حلال ! وتذكر أنه كان يعمل سائق \" تاكسي \" ويكسب رزقه وقوت أسرته حتى جاءت شركات \" الليموزين \" ففرح بعد تردد لأنه ضن أن صاحب الشركة السعودي سيوظفه سائقا لدى شركته براتب يغنيه عن عناء \" الكد والنكد \" فخاب ضنه بعد أن اكتشف أنه لن يكون منافسا بأي حال للسائق الأجنبي ، وبالطبع فهو لا يستطيع منافسة شركات ومؤسسات الليموزين لأنه لا يستطيع الوفاء بمتطلبات الترخيص ومن أهمها \" نصاب السيارات \" ! وحينما أفاق من ( غفوته ) ورفع رأسه كمواطن سعودي ! وجد رأس هرم \" العمل والعمال \" يبتسم له في المطعم بقميص النادل قائلا : هيّا إلى العمل .. أعمل : \" نادلا ، طباخا ، مكوجيا ، بنشرجيا ، خضرجيا ، حلاقا \" فلا عيب في العمل .. وبرغم أن هذا صحيح إلا أن وزير العمل ربما حاول القفز فوق الحواجز ، فهو بالتأكيد يدرك أن ما ينادي به لم يتصالح بعد مع كثير من المعوقات المنطقية كإدراك المواطن أن دولته قادرة على خلق فرص العمل التي تتناسب مع طموحاته . بالإضافة لتطوير التعليم ، وتطوير القطاع الاقتصادي ، وإخضاع التاجر للمستهلك وليس العكس ، وفك شبكة الاحتكار ، وفرض أكبر ضريبة على أرباح الشركات الخاصة والعامة في حال عدم رغبتها توظيف السعودي الذي أدرك هو بدوره أن العمل فيها يمكن أن يحقق له ما ( كان ) يحققه القطاع الحكومي من دوافع اجتماعية ، ولن يتردد في التحول للقطاع الخاص إذا صدقت النوايا وحصل على المرتب الذي يتناسب مع وضعه المعيشي . وأخير وأثناء سعيه لكسب الرزق أو محاولة دعم دخله التقاعدي بنقل الطلاب والطالبات من وإلى مدارسهم وكلياتهم سمع عن ما سمي بالنقل التعليمي التعاوني ففرح بذلك ضنا منه أنه نوع من التنظيم والإشراف والدعم للنقل الفردي كتقسيط سيارة نقل مناسبة بأسعار مناسبة وبدون مبالغ إضافية فإذا به توجه لإسناد عملية النقل المدرسي للشركات والمؤسسات التجارية ومن الطبيعي أن المواطن الفرد لن يستطيع منافسة الشركات في هذا المجال أو في غيره . وحين أكتمل ضوء الصباح اكتشف المواطن السعودي أن البطالة وهم ، وأن مصطلح ( البطالة ) مجرد غطاء لإخفاء الوجه الحقيقي لأسباب البطالة وأسباب محدودية الدخل سواء كان ضمانا اجتماعيا أو معاشا تقاعديا ، وهي أسباب أصبح من الواضح مراعاتها لمصالح التاجر الخاصة ، وأصبح من الواضح أيضا سقوط مصلحة \" الوطن \" ( لا سهوا ) من قواميس البعض وأجندته الخاصة . وبعد أن اتضحت للمواطن السعودي معالم صورة واقعه الجديد اقتنع أخيرا بتسديد فاتورة كونه مواطنا سعوديا فحسب ، وكانت باهظة جدا لاحتوائها على البطالة ، و\" ضرورة \" البحث عن واسطة لإكمال مراحل التعليم ولكل خطوة من خطوات معاملاته ، واستجداءه الأثرياء وأصحاب النفوذ لعلاجه على نفقتهم الخاصة . وقد عرض كل ذلك من قبل على صفحات التاريخ فأبين أن يحملنها وحملها المواطن السعودي أنه كان صبورا ... ! تركي سليم الأكلبي [email protected]