أصدقكم القول أني أتعاطف مع المعلمين والمعلمات كثيرا , لما يجري لهم من مواقف عجيبة , سواء في التعيين في مناطق نائية , أو حركة النفل السنوية , أو النقل لأصحاب الظروف , مما يجعل التفريق بين الزوج وزوجته ظاهرة بارزة دائما , فبعضهم تجده في الشمال والبعض الآخر تجده في الجنوب , حتى أنه من الطرائف التي سمعتها أن معلما تم تعيينه في منطقة نائية في الشمال وتم معه تعيين زوجة صديقه بذات المكان , بينما صديقه تم تعيينه في الجنوب ومعه تم تعيين زوجة صديقه صا حب الشمال , فكان كل منهم يطمئن صاحبه من خلال الآخر . ولم يتوقف الأمر على ذلك فتجد حتى مستحقاتهم سلبت سواء بتعيينهم على مستويات أقل من تأهيلهم ( بالمناسبة فقد تم تعديل ذلك يتعيين الجدد على المستويات التي يستحقونها ), أو حتى تأخير صرف رواتبهم أحيانا , في أساليب أقل ما يقال عنها إنها تعسفية تقوم بها وزارة التربية والتعليم . ولهذا فأنا لا ألوم هذه الفئة الغالية على قلوبنا جميعا من خلال محاولاتهم استثمار أي فرصة للحصول على حقوقهم , فتجد الواحد منهم يسعى بكل ما أوتي من قوة ليكون قريبا من زوجته ورفيقة دربه أو قريبا من والديه لحاجتهما له , حتى لو وصل الأمر إلى بعض التحايلات التي لا يمكن أن يصدّقها عقل ولا منطق , وبالرغم من ذلك لا ألومهم عليها للبحث عن لقمة العيش أو ما يلم شعثهم , حيث أن بعضهم لجأ إلى زواج المسيار من معلمة في منطقة يريدها ليتم نقله اليها للم الشمل , وقد يطلّقها إذا انتهت المهمة , أو يتحايل على الأنظمة التي تشترط للتعيين أن يكون من أهل المدينة التي فيها الوظيفة سواء بالسكنى له هو , أو أحد والديه , أو أن يكون أحد أبنائه أو بناته قد درس عاما كاملا , أو أنه قام بالتدريس في مدرسة أهلية في يوم من الأيام , وهذا كله من خلال شهادة تمنح له أو لها تثبت ذلك , حتى وصل الأمر إلى أنه وجد من يدفع للمدارس الأهلية مبالغ لكي تعطيه شهادة أن ابنه أو ابنته قد درس فيها لمدة عام , وهو في الحقيقة لم تطأ قدميه أرض هذه البلدة . ويحضرني في هذا الجانب قصة حقيقية لمعلّمة قرأت عن وجود وظيفة في تخصصها وتنطبق عليها في إحدى المحافظات الصغيرة , التي غالبا ولصغر حجمها وقلة ساكنيها فإن من فيها يعرف بعضهم بعضا _ وليست كالمدن الكبرى _ بل إن من يسافر أو يمرض يعلم عنه الجميع وقد يعرفون قصته بالتفصيل الممل , وهذا ما يجعل حالهم ينطبق عليه المثل الشعبي من خلال المقولة التي يعرفها الجميع , وتقال للشخص الذي يقوم بفعل لا يعرفه أهل القرية ويزعم أنه اكتسبه يوم كذا في مكان كذا , فيقولون له بلسان واحد : ((حنّا عيال قريّة )) , كناية عن أننا يعرف بعضنا بعضا . أعود إلى القصة التي روت تفاصيلها لي صاحبتها ,حيث تقول : أعلن عن وظيفة مطابقة لتخصصي , فتقدمت لدى إدارة التربية والتعليم بتلك المحافظة واستكملت أوراقي وتمت المقابلة واجتزتها بجدارة لأني حبيسة المنزل منذ سنوات فتعلمت كل شيء , ولما سعيت لاستكمال شروطهم لكي أثبت أني من أهل هذه المحافظة علمت أن الشروط تتطلب إما سكن الأسرة أو عمل الزوج أو الوالد أو الوالدة أو دراسة أحد الأبناء أو البنات , وأنا في الحقيقة كلها لا تتوفر لدي , فأغرتني الوظيفة التي سال لها لعابي بعد سنوات من البطالة , فقررت البحث عن أي حيلة , فسعيت مع زوجي أن يأخذ إجازة من عمله ونسكن مؤقتا في تلك المحافظة ويبحث عنه عمل مؤقت لنثبت أننا من أهلها , لكن زوجي عسكري ورفض مرجعه ذلك , فقررت أن أجد مجالا لوالدتي الكبيرة في السن , وفعلا وجدت من إحدى الشركات فرصة الإفادة عن أنها تعمل لديهم وعمرها يتجاوز الستين عاما , لكن ما بني على باطل فهو باطل , فقد كان أحد مسؤولي الإدارة في تلك المحافظة يخطط لتعيين إحدى قريباته فتفاجأ بي أهبط عليها من السماء , فبذل كل جهوده وعلاقاته ومعرفته لأهله وبلده حتى كشف لعبتي فانتهت بالفشل الذر يع , بالرغم من أنها كادت أن تنجح . وبالرغم من ذلك أشك أن يتم معظم ما ذكرت على أرض الواقع , وإن حصل فهو من قلة قليلة منهم لا تمثل من يحمل هما تربويا , لكني لا ألوم هؤلاء إذا قاموا بكل عمل يؤدي إلى راحتهم , إلا أني ألوم وزارة التربية والتعليم التي تعمد إلى تلك الأساليب التعجيزية بدلا من الوقوف في صف تلك الفئة , بالرغم من أنها مسؤوليها أحيانا يعلمون بما يقوم به بعض المعلمين والمعلمات لتحقيق رغباتهم وهنا يبرز سؤال مهم يقول : ما موقف وزارة التربية والتعليم من ذلك ؟ ولماذا تلك الشروط التعجيزية ؟ وهل تتعمد مكافأة هذه الفئة المكافحة بهكذا شروط ؟ وهل الوزارة تدرك جيدا ذلك جيدا ؟ وأين المختصين فيها الذين تنفق عليهم الملايين لتقديم الدراسات لمثل تلك الحالات؟ وما سبل القضاء عليها , فهي فعلا ظاهرة تحتاج لدراسة مستفيضة لأنها تسيء إلى سمعة الوزارة أولا , وبلدنا ثانيا . أسعد الله أوقاتكم عبد الرحمن بن محمد الفرّاج الإيميل [email protected]