لو فَعَلناها (لأكلت لحم الغزال) في الموضوع السابق . (بنت الوطن) لم أتوقع ردود الفعل من الناس بهذه الكثرة ، وبهذه العاطفة الجياشة ، وبهذا التضامن الكبير مع (بنت الوطن) . وإن كان هذا يدل على شيء ، فإنما يدل على روح الشهامة الباقية في قلوب الناس ، ولم تتغير ، ولم تغيرها طبيعة الحياة ، وطبيعة العصر الذي نعيشه ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً) وها هي المشادة تمثلها تلك الردود ، وتلك العاطفة التي ورثناها عن العروبة والإسلام وتربينا عليها جميعاً ولله الحمد. ولم تقف الأمور عند هذا الحد فقط ، وإنما طار الموضوع بالهواء وتناقلته كثير من المواقع ، وكانت الردود فيها مشابهة تماماً . الكل يريد أن يساعد ، والكل يريد فعل الخير . ولكن خيبة الأمل تأتي عندما لا يكون هناك رابطاً يربط هؤلاء الخيرين من الناس مع مثل هذه الحادثة . ولا تجد من يتبناها ، بحيث تصل المساعدات والصدقات سريعاً لهؤلاء الملهوفين من الناس. كان المطلب الأساسي والهدف المنشود من مقالي هذا هو التركيز على موضوع الزكاة وطريقة تحصيلها . وكيف نستطيع تطبيق النظام الضريبي في تحصيل الزكاة وجبايتها . وكان هذا هو اقتراحي على \"ملك القلوب\" . وكنت اترجاه بتبني هذا الاقتراح الذي لو فُعل وطبق جيداً ، لأكلت بنت الوطن لحم الغزال بدل لحم الحمير ، هي وغيرها من المنكوبين في رزقهم في كافة أرجاء الوطن . لم يهتم بهذا الموضوع غير قليل من الردود فقط . أما البقية فقد جرتهم العاطفة إلى الشاهد من الموضوع . وترك الاقتراح وهو الأهم في نظري . لأن بنت الوطن وغيرها ضحية الإهمال . أعني إهمال الزكاة ، وترك الحبل على الغارب . لو نصت الردود وهذا التفاعل من ذوي القلوب الحية ، وركزت على هذا الاقتراح ، ونوقش بجدية ، لأصبح مجال ضغط على من يملكون زمام الأمور . ولأصبح مطلباً ملحاً من مطالب الناس . وصار واقعاً لا يمكن التهرب منه . يجب على مصلحة الزكاة والدخل أن تنظر في هذا الموضوع عاجلاً وليس آجلاً . ويجب على مسئولي الزكاة والدخل أن يسارعوا في تفعيل هذا النظام . وأرجوا من القراء الكرام أن يشاركوا في ردودهم وطرح آراءهم ، وان يخصوا هذا الاقتراح بعينه . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى. نشرت مجلة سويسرية تهتم بالاقتصاد خبراً عن أموال دول الخليج وخاصة أموال الشركات والمؤسسات الخليجية وأموال رجال الأعمال قالت :- (تبلغ هذه الثروة 3ترليون دولار) وأنا أقول عندما تُحصل زكاتها على أساس 2.5% فإنها تبلغ 75 مليار دولار . هذا في دول الخليج فقط . وبناءً على هذه الحسبة كم يكون نصيب الوطن منها . كم لكم أن تتخيلوا . ولتنبيه فإن هذه الأرقام بالدولار . فكيف تكون بالريال السعودي . (ألم أقل لكم لو فعلناها لأكلت لحم الغزال) . لم أرى بالردود التي وردت رداً واحداً من أي مسئول . ولا حتى من شيخ واحد يشرح وجهة نظره . علماً أن هذا الموضوع من صميم اختصاصهم . وإلا ما معنى وجود هؤلاء المشايخ والدعاة والوعاظ الذين يترسون الوطن , لماذا غابوا عن هذه القضية التي هي من صميم عملهم ؟ يجب عليهم أن يهتموا بها . ملأوا رؤوسنا بالنصح والإرشاد في كل موقع . وعندما تأتي قضية مهمة من قضايا الإسلام ، بل ركن أساسي منه . يهربون ويختفون . ويفرون منها كم تفر العصافير . كنت أتوقع من هؤلاء المشايخ أن يشاركوا في الردود وأن يشبعوا الموضوع رداً أو قبولاً . ولكن للأسف . عندما تأتي الحاجة إليهم في مثل هذه المواقف الحرجة ، يذوبون كما يذوب الملح في الماء . أو لأن الكاتب إنسان ضعيف ولا يعرفه أحد ولا يرتقي إلى حد الرموز والمشاهير . ماذا لو كتب الموضوع أحد من كبارهم ؟ لوجدتهم يتهافتون بالردود والتفاعل كما تتهافت القطا على غدير الماء. ولكن الحمد لله أننا نملك مواطنين خيرين . وأصحاب قلوب رحيمة . تتألم كثيراً عندما يشتكي منها عضواً يتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . ولم يطلق شعار \"ملك القلوب\" هكذا . أطلقه عدونا قبل صديقنا . وإنما هذا القلب من تلك القلوب . ودمتم موسى النقيدان لقراءة المقال السابق للكاتب اضغط هنا