للأسف أننا في هذا الزمان نعيش من المآسي والجرائم العاتية ما تثير بواعث الأشجان وتبعث على الأسى والأحزان التي تدمي القلب وتفتت الكبد ويندى لها الجبين ويعتصر لها الفؤاد ألماً والسبب في هذا أننا في غفلة وتناسي بأن لكل نفس في الإسلام حرمة وحرمة النفس أعظم من حرمة الكعبة بل أعظم من زوال الدنيا بأسرها فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل (( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً )) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول : (( ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله منك، ماله ودمه، وأن نظن به خيرا )) رواه ابن ماجة ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( لئن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من أن يراق دم امرئ مسلم ))، وفي رواية : (( لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من قتل رجل مسلم ))، رواه الترمذي والنسائي بل إن مجرد الإشارة إلى مسلم بالسلاح نهى عنه رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وحذر منه ولو كان المشير بالسلاح مازحاً ولو كان يمازح أخاه من أبيه وأمه لأنه قد يقع المحذور فكيف بمن يزرع القنابل والمتفجرات فيستهدف الأرواح المسلمة البريئة فيقتل العشرات ويجرح المئات ويروع الآلاف من المسلمين... كيف بمن يقتل الصغير والمرأة والشيخ العجوز من غير جريرة اقترفوها... وكيف بمن يقتل ولي الأمر الذي قرن المولى لا وعلا طاعته بطاعة رسوله صلى اللّه عليه وسلم وأمر الرسول صلى اللّه عليه وسلم بطاعته وبالرغم من هذا كله فإن دم المسلم عندنا أصبح رخيصاً لا يقام لإراقته وزن والعياذ بالله ويدل على هذا ما حدث في بلادنا حرسها الله من كل مكروه من الإحداث والتفجيرات وظلم العباد بقتل الأبرياء وتدمير الممتلكات وإشاعة الفساد بالظّلم المتعدّي للحدود وهتكك حرمة مقدساتها من قبل رعاع وسذج وشرذمة شباب من جلدتنا ويتكلمون بسمنا واسم ديننا فالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون حتى انطبق علينا قول الله جلا وعلا (( يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ )) و من أعظم هذه المآسي هو ما حصل من استهداف واغتيال لصاحب السمو الملكي مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف والذي يعتبر لولا لطف الله فاجعة كبرى ومصيبة عظمى ونحن في ظل هذه الأحداث المؤلمة ليسَ لنا السكوت عن هذا كله ولابد من معرفة وكشف معلمي ومفتي التطرف والغلو وعلى الجميع أن يحذر في هذا الوقت كل ناعق ومنافق ممن لا تؤمن غوائلهم ولا تقف مكائدهم التي ضرت وجرت على الأمّة من الويلات والنّكبات ما جرّت ينادون بالإصلاح وهم ممن ينطبق عليهم قوله جلا وعلا (( وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ )) خفية حقيقتهم لظهورهم في صور مريضة شائنة ونفوس تائهة تلهو في أحلك الظّروف وتمرح في أخطر المواقف وتلعب في زمن البلاء والبأساء والضّرّاء يسعون إلى إثارة البلبلة وزرع بذور الفرقة في وقت نحتاج فيه إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصّف ّوالتّعاضد والتّساند . ومن المعلوم أنهم ليسوا حديثو عهد بل ظهروا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما طعن عبدالله ذو الخويصرة التميمي بقسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال فيها: هذه قِسمة ما أُريد بها وجه الله وقال أيضاً، اعدل يا رسول الله، فقال الصادق الأمين : (( ويلك، إن لم أعدل فمن يعدل؟ )) ثمّ قال فيه : يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية... البخاري ومسلم . كما روى الإمام مسلم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة )) وثبت كذلك في الصحاح وغيرها من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و أبي سعيد الخدري و سهل بن حنيف و أبي ذر الغفاري و سعد بن أبي وقاص و عبد الله بن عمر و ابن مسعود رضي الله عنهم وغير هؤلاء، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الخوارج فقال : (( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم أو فقاتلوهم؛ فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد )) ، وفي رواية : (( شر قتلة تحت أديم السماء، خير قتيل من قتلوه ))، وفي رواية : (لو يعلم الذين يقاتلونهم ما لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل )) . وأخيرا أختم بقوله جلا وعلا : (( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ )) وقوله سبحانه (( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ )) . نسأل الله العظيم أن يحفظ علينا أمننا وإيماننا وأن يوفق ولاة أمرنا لما يحب ويرضى وأن يقينا وإياهم وبلادنا من كل سوء وبلاء وفتنة ومحنة وأن يكفينا كيد الكائدين وشر الأعداء الحاقدين . مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة الأسياح إسماعيل بن عبد الرحمن الخليوي