منذ قرابة عامين والمعلمون والمعلمات متحدون كإخوة وقوة تواجه الظلم وتتحداه وأعلنوا إنشاء موقعهم للمطالبة بحقوقهم وأسموه (موقع معلمي ومعلمات المملكة العربية السعودية)، الفكرة كانت مجنونة وكانت تمثل تحديا للمسؤولين بطريقة نظامية رغم كون الخصم قاضيا لكن الإعلام كون مايشبه الشفافية فأحرج المسؤولين ، ولا أعني المخلصين منهم بل النشاز، فشارك فيها عدد كبير من المعلمين والمعلمات وتحول لسان الإعلام اللاذع عنهم وأصبح يحترمهم،فرغم مكانة المعلم الاجتماعية وحساسيتها لعلاقتها المباشرة بصناعة الإنسان، إلا أن ذلك قوبل بنكران وإهمال من عدة جهات بل قوبل من بعضها بتحد يعجز الإنسان عن وصفه، إن معنى أن يكون المرء معلما لايعني أن يكون موظفا فقط بل هو إنسان له دوره وإرادته في التأثير والتغيير وهذا واجبه تجاه دينه وبلاده، فالمعلم أب لطلابه ، وقدوة لهم، ومصباح يتحركون برأيه، فهو إرادة تحرك الوطن بمشيئة الله كغيرها . لقد كانت هذه القضية بداياتها مسألة غامضة قوبلت بغربة من المجتمع وتنحية وحرب فكرية لكل من كان مقدما عليها ظنا من المجتمع أنها مسألة خاطئة وهذا مما تم تهجين المواطن عليه بكل أسف تماما كنظرية القرود الخمسة التي وضعت في قفص وفي منتصفه حزمة موز معلقة في الأعلى وتحتها سلم، فكلما حاول قرد من القرود أن يلمس الموز ويصعد السلم رُش هو ومن معه بالماء كعقاب جماعي ومع تكرار المحاولة سيكون مسَلَّما لدى القردة أن لمس الموز يعني عقابا جماعيا ، وعند إخراجك لقرد وإدخال آخر لا يعرف القضية فإن القرود ستمنعه من لمس الموز فيتعلم هو ذلك معهم ولايدري مالعقاب ،ومع إخراج جميع القرود السابقين وإدخال آخرين سيتعلم القردة أن محاولة الحصول على الموز يعني الخطر رغم أنهم لايدرون مالخبر؟ وهذا هو حال مجتمعنا مع فارق التشبيه ، فكان المجتمع هو من حارب القضية وكاد أن يقمعها لولا لطف الله وإن سألته لماذا رد عليك بردود لايقبلها العقل. رغم الحرب الطاحنة التي مورست على المعلمين والمعلمات من الوزارة لا من وزيرها السابق الدكتور العبيد حفظه الله كما نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا إلا أن القضية أخرجت الحق وأبانت الفساد المستشري، فكان محامي القضية وفارسها المستشار أحمد المالكي هو النور الذي سار به المعلمون بعد الله سبحانه وتعالى وكانت إدارة المنتدى إدارة حكيمة لأبعد الحدود رغم ما حصل خلف الكواليس ولاحول ولاقوة إلا بالله، فماحصل أمر يندى له الجبين وقد قابلته الإدارة بعقلانية فذة، وخلالها كان هناك عدة منتديات وكان لها دورها المحوري في القضية كموقع (ملتقى المعلمين والمعلمات) و آخر يحمل اسم (منتديات التعليم السعودي) وكلها حاربت الظلم بنفس العقلية التي يريد فكانت تحاكيه وتداريه من أجل الغاية العظمى وهي استعادة الحقوق، صحيح أن هناك أخطاء وقعت وإيقاعا بين الآخرين، ولكن من لايخطئ لايعمل ومن كان في موقع الإخوة فسيرى ما أعني، وقد وفقوا لذلك الخير والحمد لله. بعد ذلك ورغم طول مايحصل للقضية جيئة وذهابا في ديوان المظالم وبريق الأمل يلوح مع كل خطوة إلا أن إصدار أمر بإنشاء لجنة وزارية لحل قضيتنا تخلل سير القضية ، ولم تكن اللجنة الوزارية كما كنا ننشد كمعلمين فقد كان المتوقع أن تنتهي القضية بين عشية وضحاها لأن الحق واضح فيها شرعا ونظاما ولكن ماكان قد كان، وبعد عدة جلسات في ديوان المظالم هاهي القضية تنتهي وتوضح الحقيقة المرة وهي أن الواقع غير مايقال ولكن لنحمد الله جميعا ولتكون قضية المعلمين والمعلمات نواة استعادة الحقوق ومحاربة الفساد والظلم الواقع فالحمد لله لم يكن المتوقع أن نحصل على شيء لشدة الحرب ولكن القرار الأخير في صورته التي نتخيلها تعني أن الظلم قد زال عن المعلمين وقد كان هناك ضحايا هم من كانت خبرتهم كبيرة فقد تم مساواتهم بمن هم أقل منهم في الراتب وهذا من أشد الإجحاف وحسبنا الله ونعم الوكيل إلا أن الجانب المشرق هو رؤيتنا لإخواننا وأخواتنا الجدد على المستوى المستحق بإذن الله وهذا لايعني أن نتخاذل أو نترك القضية أبدا بل الواجب أن نستمر فيها ونعمل فيها بإخلاص قدر الإمكان ولكن الوضع الحالي جعلني أتوقف قليلا وكذا غيري الكثير لأمور مستقبلية بإذن الله. على كل مخلص أن يساهم في إنقاذ بلده من الفساد ويرفع اسمه عاليا وهذا حق الوطن على المواطن وصاحبه مأجور عليه بإذن الله إن نشد الإخلاص فيه، فمازال هناك الكثير في التعليم وغيره يحتاج العلاج والحمد لله فرغم أن قضيتنا لم تكن إجراءاتها عادلة سواء من ناحية طول المدة أو القرارات فالحمد لله الخير كثير ولكن هناك أمرا لا ندري ماهو يتسبب فيما نحن فيه من ظلم وفساد. هذه رسالة إلى كل مخلص في أن يسير على خطى الحق و يرفض أن تطبق عليه نظرية القرود الخمسة، فالخير موجود وزماننا سيشهد الكثير من أحداث الخير فالمستقبل للإسلام وأمتنا إن ضعفت في جانب قويت في الآخر كما قال سيد قطب رحمه الله فكل منا مسؤول ولا نقف عند ما أقر للمعلمين مؤخرا بل كلما توقفنا تحرك المفسدون سواء كنا في التعليم أو غير فهي معركة بين الخير والشر والحق والباطل وعلى قدر إيمان المرء يكون البلاء. أحمد المتحمي