لماذا يكثر الحديث والتذمر من أخطاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ هل لأن أخطاءهم كثيرة ؟ أم لأن أفراد الهيئة غير مؤهلين ؟ أم لأن الكثيرين ضدهم ويتصيدون عليهم الأخطاء ؟ أم لجميع هذه الأسباب ؟ أم لماذا ؟! هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهة حكومية لا تخلو من الإيجابيات والسلبيات كغيرها من الجهات الحكومية، إلا أنها تتميز عن معظم الجهات الحكومية بعدة أمور هي في الحقيقة إشكاليتها وسبب مشاكلها . إن إشكالية الهيئة تتلخص في ثلاثة أمور وهي : * أن الهيئة تشتغل في المختلف فيه شرعاً، كالحجاب وصلاة الجماعة والأغاني والألبسة وشكل الشعر وغيرها من المسائل الشرعية الفرعية؛ وبالتالي فمن الطبيعي أن تحدث مشاكل مع بعض الناس الذين لا يرون الرأي الذي تتبعه الهيئة. ** أن الهيئة تتعامل كثيراً في الأمور التي تتعلق بالأعراض، وما يتعلق بالعرض والشرف، كالزجاج الشفاف الذي يظهر عليه أي شيء وإذا انكسر لا يعود، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتحسس الناس كثيراً من مساس أفراد الهيئة بكل ما له علاقة بأعراضهم ومحارمهم. *** أنه لا يوجد قانون واضح ومحدد يُرجع إليه من قبل أفراد الهيئة وأفراد المجتمع عند الاختلاف، بل إن الواقع يقول إن الأمر يعود لرأي عضو الهيئة أو مركز الهيئة الذي يتبع له، فقد يفعل الإنسان شيئاً في مكان ما أو زمان ما ويحاسَب من قبل الهيئة ثم يفعله في مكان أو زمان آخر ولا يحاسَب ! وبالتالي فمن الطبيعي أن تحدث الأخطاء والتجاوزات من أعضاء الهيئة ومن ثم من الناس كردة فعل . ولا تنس أن هناك ممن يتحسسون من الهيئة ابتداءً ! إذن ما هو الحل ؟! الحل برأيي هو وضع قانون مكتوب ومعلن وواضح للجميع، تماماً كما هو الحال بالنسبة لجهاز المرور مثلاً، فكما أن الناس يعرفون عقوبة قاطع الإشارة أو عقوبة معاكس السير مثلاً، كذلك ينبغي أن يعرف الناس العقوبات التي يجب أن تُطبق على من يخالف قوانين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (إذا وُضعت). أما أن يقوم بعض الأفراد في مركز هيئة في الرياض – مثلاً – بالإنكار باليد على من تكشف وجهها على سبيل المثال (حتى وإن كانت ممن يتبع الرأي الفقهي القائل بجواز كشف الوجه)، بينما لا يفعل الشيء ذاته أفراد آخرون في مركز هيئة آخر في نفس المدينة أو مدينة أخرى، فهذا يثير البلبلة ويفتح الباب واسعاً للخلاف والاختلاف بل والعراك وقد يصل الأمر إلى الاتهامات المتبادلة بين جميع الأطراف ! فيا إخواننا في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : ضعوا القوانين الواضحة لكل ما قد تتعرضون له أو تواجهونه في عملكم، وأعلنوا هذه القوانين للناس، ثم عاقبوهم إذا خالفوا هذه القوانين بعقوبات أيضاً واضحة ومعلنة مسبقاً ؛ لئلا تفتحوا المجال لاتهامكم بدينكم وأمانتكم كما هو حاصل الآن مع الأسف . وأرجو من الهيئة مراعاة المسائل الاجتهادية الخلافية وعدم المشقة والتضييق على المسلمين وغير المسلمين عند سن القوانين وتطبيقها على أرض الواقع . إبراهيم السدرة