مع بزوغ فجر يوم الخميس و إشراقة شمسه الذهبية , جلست أتفكر في حديثنا المعتاد مع أصدقائي حول التخصصات في جامعتنا الحبيبة KFUPM . كان كل واحد منا يحاول أن يثبت نفسه وأن تخصصه هو الأفضل وأن البقية الباقية مجرد تكملة عدد. ففي كل لقاء تعلو الأصوات ويكثر الكلام ولكن في نهاية المطاف يتفوق أخونا محمد على الجميع وذلك لامتلاكه حنجرة حادة تصل ترددها إلى مستوى عالي من طبقات التردد الصوتي, فيبدأ كعادته بإعادة اسطوانته المعتادة وذلك بالحديث عن تخصصه وأنه أفضل تخصص في الجامعة, ولا يقف عند هذا الحد بل يقوم بضرب العديد من الأمثلة فالوزير الفلاني والتاجر المعروف هم من خريجي تخصصي المتميز. وللأسف الشديد لو سألته عن ماهية تخصصه فلن يزيد على هذه الكلمات \"تخصصي هو عبارة عن إدارة المشاريع بطرق هندسية\". في الحقيقة قد سئمت من هذا الكلام وبدأت أسرح في مخيلتي عائدا بذاكرتي إلى الصيف الماضي تحديدا في دولة ألمانيا, حيث قمنا بزيارة ممثلة بوفد من جامعتنا إلى معهد من أشهر معاهد الرياضيات في العالم وهو معهد ماثيون. كنا نتوقع أن نشاهد طرق وبرامج حديثة لحل المسائل الرياضية المعقدة ولكن تفاجئنا عندما بدأ أحد المختصين بالحديث عن مشاريع المعهد ومدى إسهاماته في خدمة وتطوير المجتمع. و على سبيل المثال لا الحصر مشروع يقوم بجدولة مواعيد ركوب القطارات السريعة , حيث أصبح وقت الانتظار في المحطة من بين دقيقتين ونصف إلى ثلاث دقائق ونصف بدلا من الانتظار الذي قد يصل إلى أكثر من عشر دقائق في السنوات الماضية. إنها نقلة كبيرة في زمن السرعة, ولكن الأهم من هذا كله هو من قام على تنفيذ هذا المشروع؟؟ هذا المشروع قام وأشرف عليه مجموعة كبيرة من المختصين من تخصصات مختلفة نعم مختلفة من التخصصات الهندسية والإدارية والعلمية بأنواعها وهذا ما نحتاج إليه اليوم وهو التكاتف والتكامل بين التخصصات. هم لم يصلوا إلى هذا التقدم والتطور لأنهم يمتلكون عقولاً تفوق عقولنا لا والله بل هم بشر يأكلون ويشربون مثلنا,ولكنهم ببساطة تكاتفوا وترابطوا وأصبحوا كاليد الواحدة تسحق أي عقبة تواجههم. فجأة ! انقطع حبل أفكاري على صوت محمد وهو لايزال في مواله المعتاد... ولكن أيقنت الآن لماذا نحن ما زلنا في آخر الركب مع دول العالم الثالث !! راشد سليمان الرقيبة