منذ عام 1424ه وبعد تحويل مسمى وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم، ما زالت وزارتنا الموقرة تتحمل أعباء أكثر من طاقتها، الوزارة الوحيدة التي تتحمل هم ( التربية) بينما غيرها من الوزارات مسؤولة عن مهام خاصة بها، ولمّا تشارك بعد في صناعة التربية ، فالتربية ليس معنى خاصا تقوم به جهة واحدة فقط، بل هو هم جماعي يشارك فيه الجميع، ولن أقف عند حد ضيق للتربية بمعناها القريب للأذهان المتعلق بطرق التدريس أو القياس والتقويم أو المناهج أو غيرها مما له صلة وثيقة بالتعليم، بل سأضع أمام القارئ : أن التربية هي كل السلوكيات التي تمارس في المجتمع، كل ما يتعلق بسلوك الفرد في المجتمع هو داخل تحت هذا الباب، سواء أكان في الشارع أو في المسجد أو في الحديقة أو في السوق أم في غيرها. ومن هنا تأتي الدعوة لإعادة النظر في مسمى وزارتنا لتكون فقط ( وزارة تعليم ) كما كانت سابقا وزارة ( معارف )، فهي الوحيدة التي تحمل على عاتقها هذا الهم (التربية)، الذي لا تتحمل تبعاته طبعا لوحدها ، فكل وزارة هي شريكة لها في هذا الموضوع ، فماذا قدمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في هذا الباب؟ ، وماذا أنجزت الرئاسة العامة للرياضة والشباب في هذا المراد؟ وماذا صنعت وزارة الثقافة والإعلام في هذا المقصد ؟ وماذا قدمت الوزارات الأخرى أيضا؟. ثم لماذا لا تشارك كل الوزارات بوجود وحدة خاصة تتعلق ب( التربية ) في مجال تخصصها؟. وزارة التعليم، يكفى هذا الهم الثقيل ، والحمل العظيم ، يكفي أن تُعلّم ، يكفي أن تخرج لنا في كل مرحلة مستوى من المهارات التعليمية والمعرفية، وعساها أن تنجح! ، وزارتنا محملة بأعباء كثيرة بدءا من إنصاف المعلمين الذي هُضمت حقوقهم، وتلاشت كثيرا طموحاتهم، ووقف غير مسؤول إداري في وزارتنا المحببة في وجوههم. وانتقالا إلى الطالب الذي لا يأتي المدرسة إلا وهو مكبل بالهم الدراسي، ولا يخرج منها وإلا وعيونه تستبشر فرحا بانتهاء الدوام. وثالثة الأثافي تلك المتعلقة بالمقررات والمناهج والمباني المدرسية ، فهذه لوحدها تحتاج إلى وزارة خاصة تقوم بأعبائها . ثم بعد ذلك، ما ذنب المعلمين؟ وما ذنب المدرسة ؟ ، وما ذنب وزارة التعليم ؟ أن تتحمل أخطاء غيرها ، وكأنها المسؤول الأول عن كل خطأ يقع في المجتمع ، ونسينا أو تناسينا أن الشارع يربي ، والمسجد يربي ، والعلاقات الاجتماعية تربي . والقنوات الفضائية تربي ، ووسائل الاتصال الحديثة تربي ...، فكل هذا لا تتحمله وزارتنا الموقرة فليتها بحملها تثور كما يقال في الأمثال. ولعلّ وزارتنا تنجو من تبعات كثيرة حمّلت وزرها مما يحدث الآن من سلوكيات ليست خارجة عن مجتمعنا بل مزيج من أمشاج مختلفة، فلا المعلم ولا المدرسة ولا الوزارة ( وزارة التعليم ) تقف في خانة المتهم الأول لهذا النتاج . بل ربما ( وأضع ربما بين قوسين جوازا لحذفها ) بعض الوزارات تتحمل أكثر منها. وحين تكون وزارتنا خاصة ب ( التعليم ) فإنها ستكون في المحك الحقيقي الذي نريد، أن نرى طلابا متعلمين حقا، ومعرفيين حقا، يملكون مهارات البحث والمعرفة والتعلم. وستكون وزارتنا بمنأىً عن كثير من التهم التي حلقت بها، وهي منها براء. أحمد اللهيب [email protected]