*عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعد الشبرمي تعالى الله الحكيم سبحانه أن تتجرد محنة إخواننا المستضعفين في غزة من منح يمن بها الله عليهم وعلى عموم أهل الإسلام ، ذلك أن الحق سبحانه تنزه أن تكون أفعاله وأقداره مجردة من الحكمة والتعليل التي لو أدركها المرء لرضي بما يصيبه من مآسي ومصائب،وإن كانت الحكم قد تكون تعليما لدرس قاس إلا أنها قد تكون بلسما يزيد العبد المؤمن سعادة وسرورا، وفي خضم هذه المجزرة الرهيبة وما يحوطها من أنات المفجوعين وحوقلة المجاورين حاولت أن أحصي بعض المنح من هذه المحنة الرهيبة والتي جاوزت حدود الأخلاق الإنسانية فضلا عن القيم السماوية فوجدت نفسي عاجزة عن إحصائها والإحاطة بها ، ولذلك فسأذكر شيئا من هذه المنح علها أن تسهم في تخفيف مصاب إخواننا في غزة المنكوبة ، وتعزي صادق الشعور تجاه محنة إخوانه: فأولى المنح ما كتبه الله على أيدي هذه الفئة المؤمنة من رفع لواء الجهاد في سبيله، والذب عن دينه وقتال أعدائه الذين طالت مبارزتهم للحق سبحانه بكفرهم وقتلهم وفتنتهم للمسلمين. ومن المنح تجلي أهل الصدق والإيمان من أهل النفاق والطغيان الذين لايرقبون في مؤمن إلا ولاذمة ، فبهذه المجزرة تميز الخبيث من الطيب ، وظهر المتفيهقون بدعاوى السلام ونبذ التطرف والإرهاب المنسوب لأهل الإسلام ظلما وزورا صامتين عن طغيان المطرقة الصهيونية بل مبررين لكل ما يفعلون ضد العزل من كل مقومات الحياة سوى الإيمان بالله وكفى. ومن المنح أيضا ما كتبه الله من أجور مضاعفة بإذنه سبحانه لهؤلاء الصامدين المرابطين من صبر على البلاء وصبر على الجراح وصبر على فقد الأحباب وصبر على ضيق العيش وتنكر الأقربين. وكذلك ما كتبه الله لإخوانهم من أهل الإسلام الصادقين بشعورهم وحزنهم وتصدقهم بأموالهم ودعائهم أن ينصر المولى إخوانهم ويكبت شر أعدائهم . ومن المنح إحياء هذه القضية الكبرى والتي كادت تموت في قلوب كثير من المسلمين جراء طول العهد وبرودة السعي في الحل، وتصدي المتخاذلين لحلها من خلال جلسات الفنادق وحضور المؤتمرات المغلقة بعيدا عن الخطوات العملية الجادة وفق ما شرعه الله في التعامل مع العدو المحارب. ومن المنح في هذه الأزمة تعريف الشعوب من غير المسلمين بما يعانيه ضعفة أهل الإسلام من ظلم وتصفية ومؤامرة والتي جعل فيها المظلوم ظالما والمقاوم إرهابيا، وذلك من خلال وسائل الإعلام التي يتحكمون فيها لذا فقد أدركت الشعوب جمعاء أن اليهود هم سبب البلاء والشقاء للعالم وأنهم فوق كل قانون وخارج نطاق كل اتفاق؟ ومن هذه المنح تحقيق أمنية عباد الله المجاهدين من حصول الشهادة في سبيل الله سبحانه فقد رأت الجموع ومن خلال وسائل الإعلام تلك الأصابع الشاخصة الشاهدة لله بالوحدانية وسمعت شهادة الحق يتلفظ بها هؤلاء الأبطال الصامدون قبيل وفاتهم بلحظات الأمر الذي يبشر بمآل حسن لهم عند الله سبحانه ، مع ما ينتظرون من محاكمة عادلة بينهم وبين من ظلمهم أو تخاذل في نصرتهم. ومن المنح أيضا عودة كثير من عباد الله الغافلين واستشعارهم لواقعهم وتبصريهم بمخططات أعدائهم وأن القوم عازمون على الزحف إليهم وأن المعاصي والذنوب هي سبب البلايا والمصائب فعاد للمساجد كثير ممن هجرها، وهجرت دور للمعاصي من كثير ممن اعتاد على قصدها. ومن المنح تآلف قلوب لأهل الحق كانت مختلفة ، واجتماع كلمة لأهل الدين كانت مفترقة، ورأب صدوع في جدار الأمة كادت أن تهدمه ، فاجتمعت القلوب والأجساد والقوى في محاربة العدو المعتدي والظالم البغي. وإننا واثقون بإذن الله أن هناك الكثير من المنح والثمرات الناتجة من هذه المحنة ،ولكن لا يستقيم أن نقعد إزاء هذه المنح بل نسعى جاهدين لرفع هذه النازلة بما نستطيع من قوة وبما نملكه من أساليب، وإن استذكار هذه المنح لهي من باب العزاء للمصاب ورفع الهمة لليائس،وتقوية للصابر المناضل وإرغام لخصوم أهل الإسلام وإن النصر من عند الله والعاقبة للمؤمنين. * ماجستير في السياسة الشرعية.