نشهد الآن عصر العولمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية, وقد أدت المتغيرات المصاحبة لهذالعصر إلى تغيير معايير ثروات الأمم، فبعد أن كانت تقاس بقيمة ما تملكه الدول من موارد وثروات طبيعية، أصبحت تقاس الآن بمدى إنتاجية مواردها البشرية والقدرة على الإنتاج بالجودة والنوعية العالية للمنتج وقد لجأت الدول إلى استخدام المعارف والمهارات العلمية والأساليب العملية الحديثة الموجهة للفرد لزيادة القدرة التنافسية في مجال العمل والإنتاج للوصول بالمنتج لمستوى الجودة العالمية, ولتسارع هذا التنافس والرغبة في مواكبة هذا النوع من السوق فقد زاد الخلط بين التعليم والتدريب, مما أهدر الجهود المبذولة وأعاق الوصول للهدف المنشود, ولا اعتقد بأننا نحتاج إلى جهد كبير لنفسر الفرق في التعريف بين التعليم والتدريب, ولعل واقع العمليات التعليمية والتدريبية والفئات المستهدفة يوضح الخلط الحاصل بين التعليم والتدريب، والتركيز على كيفية ممارسة المؤسسات التي تقوم بهاتين العمليتين هو اقرب الصور لتوضيح هذا الخلط وتوصيلها لذهن المهتمين , حيث وجهت معظم الجهات التعليمية جزء من إمكانياتها وجهودها لتوفير وسائل وتجهيزات تدريبية!!!, كما قامت جهات التدريب بممارسة الدور العكسي وجهزت نفسها وبعض أفرادها بالتجهيزات المناسبة للعملية التعليمية!!!, وقامت كل جهة بعقد برامج لا يجب أن تقوم بعقدها, والأمر الآخر هو الخاص بالفئة المستهدفة وهو نتيجة للخطأ الأول, حيث يفترض أن تستهدف المؤسسة التعليمية طلبة المدارس والجامعات لتطوير معارفهم التعليمية وتثقيفهم، أما المؤسسات التدريبية فهي التي تقوم بإعداد أفراد المؤسسات والشركات لممارسة مهنة معينة أو زيادة مهاراتهم بهدف تحسين القدرات و الإنتاجية, والواقع هو قيام كل جهة بالاستيلاء على جزء من مستهدفي الجهة الأخرى , وهذا يبين أن المؤسسات التعليمية المتخصصة في مجال تعليم وتثقيف طلاب المدارس والجامعات لا يجب بأي حال من الأحوال أن توجه خدماتها وأنشطتها لخدمة الشركات أو المؤسسات الأهلية منها أو الحكومية وهذه آلية مقنعة للابتعاد عن هذا الخلط إذ إن برامج هذه المؤسسات التعليمية تكون مصممة في الأساس لخدمة الطلاب لأغراض التعليم و لا يمكن بأي حال استخدامها لأغراض التدريب, كما يحب على جهات التدريب أن لا تمارس العملية التعليمية المنوطه بالمدارس والجامعات وتطرح برامج تعليمية . د علي البراك إستاذ مشارك كلية التقنية للغذاء والبيئة ببريده