إن أعمارنا ثمينة دائما يجب أن نستغلها فيما يوافق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا سيما في شهر كثير الخير عظيم البر جزيل البركة الذي لا نظير له ولا مثيل ولا سيما في عشره الأواخر المباركة التي تعتبر خلاصته وتاجه الذهبي وجواهره اللؤلئية ودرره المكنونة التي تضاعف فيها كل الأعمال ويمن الله تعالى بها على عباده بالعتق من النار فحق لنا أن نستغلها أحسن استغلال كما كان المصطفى صلى الله علبه وسلم يفعل فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص هذه العشر الأواخر بعدة أعمال ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( كان رسول الله إذا دخلت العشر شد مئزره و أحيا ليله و أيقظ أهله ) و لفظ لمسلم : ( أحيا ليله و أيقظ أهله ) و لها عند مسلم : ( كان رسول الله يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيرها ) و لها في الصحيحين : ( أن النبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ) فمن هذه الأحاديث تبين لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد فيها ما لا يجتهده بغيرها من الأيام وذلك لعلمه صلى الله عليه وسلم لما فيها من الفضل العظيم والأجر الكبير ولا سيما ما في ليلة القدر التي هي من أعظم ليالي العام على الإطلاق والتي هي خير من ألف شهر، بمعنى أن قيامها يعادل قضاء العبد أكثر من 83 سنة عبادة مستمرة ومتواصلة من غير فتور ولا انقطاع فمن أصابها وأدركها كان خير له من عبادة تلك السنوات الطوال فما أعظم هذا الفضل الإلهي الذي من حرمه حُرم خيراً كثيراً والمفرط فيه قد فرط في شيءٍ عظيم فما فعل هذا بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه الإ ليطلب تلك الليلة الزاهية تلك الليلة البهية ليلة نزول القرآن العظيم . ومما يجدر الإشارة إليه والتنبه عليه في مثل هذه الأيام هو عدم انشغال المسلم بأي ليلة تكون ليلة القدر كما حصل في الأعوام السابقة من تحديدها والتأكيد على أنها تلك الليلة بعينها والجري والركض واللهث خلف الرؤى وتعبيرها لما يكون فيه تثبيط عن العبادة بل يحرص المسلم أن يقضي طوال هذه العشر بالاجتهاد والعبادة والنصب لله رب العالمين لنيل الأجر والثواب وما أخفيت ليلة القدر الإ ليجتهد المسلم بكل هذه العشر ليغنم ويربح الفوز والفلاح فمن أحياها كلها أدرك بإذن الله ليلة القدر ونال ثوابها وأجرها . لكن مما يندى له الجبين وتتفتت له الأكباد ويتقطع له القلب أن الأغلب منا يقضي هذه الليالي الفاضلة بمتابعة قنوات الإعلام التي تفننت في عرض المسلسلات الخالية من روح التربية تحت شعار البرامج الرمضانية وكأننا في غنى عن ربنا جلا وعلا ونسينا أن الله هو الغني ونحن الفقراء وأنه سبحانه لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين فيجب علينا جميعا الأ نتمادى في الخطأ فإن الإنسان دائما معرضا للآفات والأخطار وبحاجة رب الأرض والسماوات ومن المعلوم أن الانشغال بها لا يفيد - لا دنيا ولا آخرة - يقسي القلب ويقطع الرزق ويسقم البدن ولطالما علمنا أننا محاسبون على هذه اللحظات الثمينة . فأقول إن كنا ضيعنا العشرين التي مضت بمتابعة قنوات الإعلام التي وإن كانت مباحة ففيها تضييع للوقت الفاضل ناهيك إن كان فيها من غير المباح فأقول يجب على الواحد منا أن يهتم بوقته وعمره فلا يجعله ويستخدمه الإ فيما ينفعه ولا يعطيه إلا لمن يستحقه وهو ربه جلا في علاه . أسأل الله تعالى التوفيق للجميع في هذه العشر حسن استغلال الأوقات والتجاوز عن السيئات وإقالة العثرات كما أسأله سبحانه وتعالى حسن الجائزة يوم الجوائز إنه ولي ذلك والقادر عليه وصل الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة الأسياح إسماعيل بن عبد الرحمن الخليوي