بحسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين - حفظة الله - في تنفيذ مشاريع الاسكان التنموي لمؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالدية , حيث تعتبر هذه المشروعات نقلة عصرية في مجال الإسكان الميسر للفئات الأكثر حاجة في المجتمع السعودي، ولتحل محل العشوائيات والمساكن غير اللائقة. وبهذا تكون شريحة الفقراء المستفيدين من هذه المشاريع قد قطعوا نصف المسافة نحو الاكتفاء الذاتي إذا يعتبر تأمين السكن نصف اعباء الحياة وصعوبات العيش . ولكن هناك صنفان من الفقراء يندرج تصنيفهم تحت وصف فقراء التواكل وهم الذين خُدروا بالعطايا الجاهزة النقدية والعينية وتُركوا ينتظرون ذلك دورياً من فاعل خير أو من جمعيات الاحسان والبر الخيرية .. وصنف حيل بينه وبين اسباب الغنى , اسباب طلب الرزق والكف عن السؤال والتسول .. حيل بينهم وبين تعليمهم وارشادهم وتسهيل امر السعي في الارض و تأهيل الفقراء ليصبحوا أناسا يساهمون في تنمية المجتمع، بدلا من أن يكونوا مجرد مستهلكين لأموال ومساعدات اجتماعية. المسؤل عن انتاج هذه النوعيات من الفقراء ثلاث جهات الجهة الاولى تعقيدات كثير من انظمة واشتراطات وضوابط إنشاء مشاريع صغيرة جداً حيث تتنافس كل من الامانات والبلديات وفروع وزارة التجارة وادارات الدفاع المدني في إغلال المحتاج الذي يحاول البدء في السعي بطلب الرزق من كد يمينه وعرق جبينه .. حيث تقف هذه الجهات الرسمية بالمرصاد لتغلق عنه كل منافذ التيسير والتسهيل . فيرجع مكسور الوجدان ويلغي فكرة السعي في الارض ويتجة ليسجل اسمه ضمن قائمة المتسولين على ابواب الجمعيات الخيرية . ثم يبدأ عمل جمعيات البر والاحسان بالاجهاز على اخر رمق في عزة النفس بتعويدة صرف حاجاته بالتقطير المريح فلا هو الذي اغتنى وكف عن السؤال , ولا هو الذي تعلم كيف يبذل الاسباب , ولاهو الذي نال قرضاً حسناً للبدء في عمل صغير, يدر عليه دخل ميسور, يكفيه عالة السؤال والذل النفسي والمعنوي , ولازال العمل الخيري السعودي على الرغم من الخبرات المتراكمة في مناطق مختلفة من العالم، فإن خبراته تركزت في مجرد تقديم المساعدات الاجتماعية النقدية والعينية، وليس تحويل الفقراء إلى عناصر منتجة تستطيع كفالة أسرهم وتوفير مصادر دخل ثابتة لهم من خلال المشاريع المتنوعة. وثالث جهات التفقير هو الخطاب الوعظي الذي يحث ويحرّض مشكوراً الاغنياء والميسورين بمساعدة الفقراء ودفع الصدقات والزكوات وتقديم المعونات وبذل الخير للمحتاجين . لكن هذا الخطاب الخيري ينسى حث الفقراء في بذل الوسع للاستغناء عن ذل الحاجة .. ويظل الفقر يزداد وقائمة الفقراء تتسع كل لتشمل الطبقة الوسطى والكادحة . ويظل شح التوظيف في القطاعين العام والخاص البوابة الاولى في تصنيع الفقر إذ يقف بالمرصاد لمن يسقط اسمه ورسمه من قائمة صناعة وانتاج الفقراء .. فيمنحة التصديق على العوز وصك الدمغة التي تصيره باحثاً عن الغوث في مد يده للسؤال والابتذال ... فيجهز شح الوظائف على آخر قطرة من عزة النفس . لكن الفقير بعد هذا كله يتحمل جزء من مسؤلية صناعته معوزاً وهو الاستكانة لأمر الفقر وكأنه قدر قاهر , فمهما تعددت وتنوعت وكثرت وانتشرت اسباب الفقر , فأسباب الغنى اكثر واوفر واسهل , لو تعلم المحتاج حسن التوكل على الله وليس حسن التواكل على البشر من جمعيات البر أو المؤسسات والجهات الرسمية أو فاعل الخير الباذل للاحسان والمعروف , وسعى المحتاج في الارض بجد واخلاص وامل كبير , لايثنيه الاحباط والملل ولاحياة الدعة والكسل . الفقر ليس قدرا, وليس بالظاهرة التي يمكن إلباسها لبوس الحتمية التاريخية, أو النظر إليها مع أسبابها على أنها الفطرة التي فُطر الناس والمجتمعات الإنسانية عليها , فالمال فى حد ذاته أداة لشراء خدمات تحتاج إليها لكى تستمر عملية \" أن تكون إنساناً ...تحقق إنسانيتك \" فالفقر المراد هنا ليس الفقر المادى فقط , بل الفقر الكلى وهى صناعة تهدف الى انتاج إنسان عالة على الدوام . وحتى مشاعرنا الإنسانية نستثمرها في الفقر, وكأنها من النمط الذي يزول إذا ما زال الفقر والفقراء, فالجائع نبحث عنه لنطعمه يوما ولو جاع بعد ذلك دهرا, والفقير نتصدَّق عليه بما يكفي من المال لجعله فقيرا إلى الأبد, يلد لنا مزيدا من الفقراء. عبدالعزيز السويد