بدأت إجازة الصيف بعد أيام دراسية واجتماعية حافلة بالحلو والمُر ، وها نحن نفتتحها بالتهاني والتبريكات لمن اختاروا من هذه الأشهر المُقبلة ليلة يحتفلون فيها بأجمل ليالي العُمر \"ليلة الزفاف\" ، ومن أهدونا بطاقات الدعوة المذهبة باسماءهم المقبلة على حياة جديدة ، نتبادل أخبارهم و نُبارك لهم وندعو لهم بالتوفيق وننتظر تلك الليالي بشغف وشوق كبير كي نُلامس معهم فرحتهم ونُقبلهم بُحب وبأمنيات سعيدة حالمة . تلك الليله قرأت رسالة واردة إلى هاتف أحد قريباتي ، كانت دعوة مُخصصة للمقبلات على الزواج لحضور دورة تُقيمها أحد الدكتورات هُنا في بريده ، فسرحت بخيال صغير،تارة أتنبأ بأعداد اللاتي سيحضرنها ، وتارة أُفكر بالدافع الذي سيجعلهن مملوءات بانتظار ذلك الموعد معها ، وبدأت أيضاً بتخيل العدد الذي قرر المجيء إلى مقر الدورة ، لا اعرف لماذا اختلقت قصة مع تلك الرسالة ،ربما لأنني ألاحظ أن الكثير من قراءها ينسونها فور الانتهاء من قراءتها دون أن يقرأون ما وراءها وما تصبو إليه. بعدها بأيام قليلة شدني الإعلان عن دورة مهارات وفنون الحياة الزوجية والتي نظمها مشروع التوفيق الخيري للجنسين ، لليوم الثلاثاء ، فابتسمت بصدق لوجود مثل هذه الدورات ولكنني تسألت أيضاً ، هل يحضرها العدد الذي يُرضي غرور الاستقرار الأسري والتناغم بين الطرفين وخصوصاً في بدايات الارتباط بشريك المستقبل ؟ تذكرت كثيراً نتائج التجربة الماليزية والدور الذي لعبه إجبار المقبلين على رحلة العمر بحضور دورات التأهيل لبدء الحياة الزوجية في جعلهم أكثر وعياً وأكثر تحملاً وأقدر على تقبل الطرف الآخر ، وتقبل الجديد في هذه الحياة والتي تسببت في خفض نسب الطلاق ،و لا شك بالعلاقة الطردية التي يرتبط بها مستوى الوعي مع الشعور بالإيجابية في الارتباط والشعور بقدسية هذا الرباط العظيم. إن الشاب والفتاة لا يجهلون الأسماء المتعددة لكتب الثقافة الزوجية والتي أبدع بها كثير من الكُتاب وأصبحت قلادة يتقلدها من اختار ساعة من يومه كجرعة مُعرفة واكتشاف للجديد أو حتى تذكير لما يغفل أو ينشغل عنه في أمر التغيير والتجديد في العلاقة ، ولكنهم يجهلون الطريق إلى الكتاب فمعظم الأوقات التي تسبق الدخول إلى عش الزوجية والتي قد تمتد إلى أشهر طويلة ، هي مليئة بالتحضير لليلة الزفاف والاهتمام بالشكليات وجلها مواعيد و تنسيقات ، كما أن الثقافة السائدة هي كيف تحتفل بسعادة ؟ وليس: كيف تُسعد من ستحتفل معه اليوم وغداً ! إن الثقافات السائدة عند الأهالي تُحتم انتهاء الوقت دون تأهيل فكري وأسري واجتماعي لصاحب الشأن ، فمن المؤسف حقاً أن تُدمر السطحية وعدم النضج الفكري الكافي بدايات هؤلاء وتفسد طعم لقاءهم الذي احتفل الكُل به ، حديثي الزواج بحاجة أيضاً إلى كُتب وإلى دورات ولكن المقبلين أحوج بكثير نظراً لكون البدايات لها اعتبار كبير في ذكريات العمر . كما أنني أُشير وبقوة بأن اكتساب صغار السن لثقافات الزواج والأسرة واقتناء كُتبها كعلوم حياتيه عامة أمر لابد من ترسيخه بعد أن أصبح ثقافة غائبة و\" أمر لم يحين وقته \" في نظر كثيرين ! إلا أن هذه الثقافة لا أراها محصورة أبداً على من اختار شريك حياته إنما لكل من يستطيع أن يعي أهمية الحرف بتشجيع من هم حوله ، وما نتعلمه في الصغر ونقتنع به يكون أكثر رسوخاً في دواخلنا ومع الوقت يصبح قناعاتنا الناجحة. كم أحلم بتجربة مشابهه للتجربة الماليزية ، تُجبر أولئك الذين لم يعطوا الدورات حقها وتجاهلوا دور تلك ال SMS في وضع خطوة لمستقبل جميل ، وأولئك الذين لم يمسحوا غبار الكُتب الرائعة ليقرؤها ، وأولئك النائمين بالطقوس الحالمة ،وكل من لم تلبس الفستان الأبيض بعد على الوصول إلى مستوى معين من الوعي وإلى إحساس عالي بالمسؤولية وإلى ثقة متبادلة ، ليغفو مُجتمعنا مطمئناً على الزيجات القادمة . دعواتكم بأن يرى حلمي النور في صيف السنة القادمة ..وإلى ذلك الوقت أتمنى أن نكون على عمل دؤوب في رفع قيمة هذه الدورات التي ألمح اهتمام القائمين عليها في هذه الأيام ،، تمنياتي بسعادة دائمة .. وداعاً إلى حلم آخر ألقاكم فيه .. منيرة بنت عمر ال سليم