ذات يوم وحينما خرجت من منزلي في طريقي للعمل لفت نظري أن عامل النظافة الذي يمر على المنازل ليفرغ الحاويات في عربته يتشاجر مع شخص آخر من جنسيته يقود سيارة تابعة للبلدية ، فذهبت للعمل ولم اكترث لأني كنت أعتقد أنه جدال بينهما حول قضية خاصة بينهما في السكن أو في بلدهما ، لكني بعد أيام وأنا خارج من المنزل وفي نفس الحي بمكان قريب من المنزل لاحظت أن صاحب السيارة ذاتها يخرج ما بداخل الحاوية وينتقي كل ما هو صلب ويضعه جانبا مثل الأغطية وعلب المشروبات والمواسير ويعيد الورق والمخلفات الأخرى إلى الحاوية ، وهنا لفت نظري بعثرته للمحتويات , فمررت من جانبه ولم اجعله يلحظ شيئاً، وعدت من الجهة الأخرى وتوقفت دون أن يشعر ، حتى انتهى من مهمته وغادر المكان فلحقت به واستوقفته وسألته ماذا تفعل ؟ فنهرني بصوت مرتفع فأبرزت له بطاقتي الخاصة بعضوية المجلس البلدي فلما رأى شعار البلدية تغيّر فجأة واستجاب لطلبي ، فعرفت من حديثه أنه مسؤول عن المخلفات التي لا تتسع لها الحاوية ، لكنه يستغل السيارة ويجمع الحديد ليقوم ببيعه لا حقاً، فطلبت منه إبراز إقامته وأبلغت المسؤول عنه والذي بدوره أرسل لي مراقب وقام بما هو مطلوب منه ، هذا الموقف تذكرته هذه الأيام حينما برزت على السطح ظاهرة سرقة الحديد في عدد من المناطق , والتي كان آخرها سرقة دعامات أعمدة الضغط العالي لكهرباء حفر الباطن والقيصومة ، وكذلك قضبان سكة الحديد شرق مدينة الرياض ، وقبل ذلك تلك السيارات التي تجوب المدن والقرى وهي تحمل السكراب ويقودها مجموعة من العمالة التي تتمخطر دون رقيب أو حسيب ، بل إنك لو أوقفت أي دورية مبدياً رغبتك في معرفة مصدر هذه الشحنات فلن تقوم بذلك ، بل إني أبلغت في أحد الأيام نقطة التفتيش التابعة لأمن الطرق عن سيارة كنت قد تجاوزتها مملوءة بالحديد والسكراب ويقودها شخص من إحدى الجنسيات الشرق آسيوية , وطلبت منه أن يسأله عن مصدر شراء هذه الشحنة ، فرد علي بكل برود وقال : ليس لدي تعليمات بهذا الخصوص . ولهذا فأنني ومن هذا المنطلق وخشية من أن يقوم الواحد منا في الصباح ويجد منزله بدون أبواب أو نوافذ , أرى أن هذا الأمر يعتبر ظاهرة خطيرة وجديرة بالاهتمام , لما تجلبه على المدى البعيد من آثار سلبية قد تؤثر على النواحي الأمنية , كما أعتقد أن أفضل وسيلة للسيطرة عليها هي مراقبة مواقع البيع وخاصة ما يسمى بحراج الخردوات , كما في حراج ابن قاسم في الرياض , والصواريخ في جده , والمقاصيص في بريده , وغيرها في عدد من المدن ، حيث ت يجب أن تم مساءلة كل من يدخل السوق ويطلب منه إبراز الهوية أو الإقامة النظامية مع ما يثبت من أين اشترى بضاعته ؟؟ و بموجب ورقة مبايعة رسمية ، فإذا لم يثبت ذلك يتم تطبيق الأنظمة عليه ،كما تتم مراقبة مصانع تدوير المعادن والتأكد من مصادر البضائع التي تم جلبها إلى تلك المصانع لتدويرها ، مع التأكيد على أن من يعمل بهذه المصانع يكون على قدر كبير من المسؤولية ويتصف بالأمانة والنزاهة , خاصة وأننا نسمع الكثير عن محاولات هؤلاء العمالة لدفع رشاوى لمن يباشر مساءلتهم عن أي خطأ , بسبب توفر الأموال لديهم ، حتى أني قرأت في إحدى الصحف أن أحد العمالة عرض على أحد ضباط الجوازات مبلغا كان بحوزته حتى يتغاضى عن تفتيشه بشكل دقيق ، ولكن ضابط الجوازات لم يتجاوب معه بل طبق عليه النظام . إن مثل هذه الجرأة من عمالة تعيش في غير بلدها لهي تحتاج إلى الضرب عليهم بيد من حديد لكي نقضي عليها ، والله المستعان. عبدا لرحمن بن محمد الفرّاج [email protected]