دائما يردد والدي (يحفظه الله) عبارة جميلة جداً ورائعة تقول ( الهزيمة شينه ولوهي بالكعابه) والكعابه لمن لا يعرفها هي عظم يأخذه الشباب في زمن مضى من ساق الحيوان الميت ويؤدّون هذه اللعبة للتسلية بعد الجهد الشاق الذي يكلفهم به آباؤهم في زمن مضى سواءً الزعابة أ والرياسة أوالختام أواللقاط أوالجداد وغيرها ، ويماثل لعبة القصايص التي أدركها جيلنا نحن . هذا المثل ذكرني به برنامج شاعر المليون الذي تبثه قناة ابوظبي الفضائية وأختتم مساء الثلاثاء الماضي في نسخته الثانية ، وهو للشعر الشعبي ،ومثله برنامج أمير الشعراء العربي الفصيح . وهو فكرة وإعداد المذيعة المعرفة نشوى الرويني وبتمويل ورعاية من صاحب السمو الشيخ فريق أول محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد ابوظبي ووزير الدفاع , والذي عُرف عنه حب لجمع الشمل وتشجيع الشباب على كافة فئاتهم وحرصه على أن يكون أبناء الخليج والعالم العربي والإسلامي في لحمة واحدة , وهذا ما جعل الملايين_ وأنا منهم _ يحرصون على متابعته أسبوعيا رغم المشاغل ، نظراً لوجود نوادر من الشعراء الأفذاذ في الفصيح والشعبي، كما أن سمو الشيخ كان هدفه نبيلا ولازال، لكن القائمين على البرنامج – مع بالغ الأسف – حولوه إلى برنامج مادي يعتمد على مقدار الدخل من خلال رسائل الجوال والتصويت , وهذا ما جعل البرنامج ينحرف عن هدفه ، بل تجاوز القائمون عليه الخطوط الحمراء في بث الشحناء والفرقة بين دول الخليج الست على وجه الخصوص , والتي يجمعها مجلس التعاون الخليجي من خلال أكثر من ربع قرن بجهود الملوك والأمراء والشيوخ سواء الأموات (عليهم رحمة الله ) أو الأحياء أبقاهم الله ذخراً لشعوبهم وأوطانهم , ليأتي على غفلة من الجميع حفنة من الصغار ويعبثون بهذا الصف المتراص بل ويعيدون الزمن قروناً إلى الوراء ، علماً بأنه اتّضح التركيز والاستهداف على وطننا الغالي والعزيز المملكة العربية السعودية من خلال الإقصاء المتعمد والتلاعب بالتصويت , حيث أن الكل شاهد في النسخة الأولى كيف أُبعد محمد بن مريبد العازمي وتركي الميزاني من خلال التعطيل المتعمد للتصويت القادم من جهة وتيسيره في الجهة الأخرى ، حتى أضطرّ أحد أعضاء لجنة التحكيم ( وهو الشاعر الخلوق علي المسعودي ) من الانسحاب بكل أدب احتجاجاً على ما شاهده ، ولمّا سئل في مقابلة صحفية قال : كلمة واحدة : ( الذيب بالجليب ) , وبالرغم من ذلك قلنا ربما إن محمد بن فطيس المري والذي يمثل دولة شقيقة وهو وحيد في المسابقة كما انه مميز فلعله يستحق اللقب . لكن أن يتوالى السقوط وتكثر الأخطاء في النسخة الثانية من خلال اللجنة هذه المرة مضافة إلى القائمين على البرنامج ضد كل ما هو سعودي , بالرغم من أن السعودية وشعبها ومحبي الشعر الفصيح والعامي فيها هم من يدعم البرنامج معنويا وماديا من خلال كثرة المشاركين من الشعراء أو الجمهور أو التصويت ، حيث تم إقصاء اثنين من أجمل وأقوى الشعراء وأفضلهم بشهادة الجميع , وهما ناصر الفراعنة وعيضه السفياني وحصل على البيرق سعودي تنكر لبلده التي ترعرع فيها من اجل هوى في نفسه ، وكل ذلك إمعانا من اللجنة بالاستخفاف بعقولنا ، بل إن الكيد والمكر تجاوز حده حيث أن اللجنة وإمعانا في الدهاء والمكر قد منحت ناصر الفراعنة أعلى درجة في التقييم وذلك كذر للرماد في العيون , وليقول الجميع إن اللجنة منصفة لكن خذل الفراعنة التصويت , وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم جداً . وهو إذا كان التصويت من قطر مجاناً ومن داخل الإمارات سهل فكيف يتفوّق التصويت من اليمن الشقيق على التصويت من المملكة العربية السعودية ، والجميع بما فيهم الدول الشقيقة يؤمنون بأن الشاعر ناصر الفراعنة متألق حتى تجاوز الكل بل لا يقارن بالبقية , والدليل إن (قوقل ) محرك البحث اعترف أن السؤال عن ناصر الفراعنة يأتي في المرتبة الثانية بعد الانتخابات الأمريكية في البحث . ثم لو جاء ناصر الفراعنة ثانيا أو ثالثا لهان الأمر , لكن أن يقصى هو وزميله لأنهما سعوديين فهذه قمة المهزلة . وخلاصة القول فإن ما حصل لا يهز شعرة في جسد وطني المملكة العربية السعودية وفي الشاعرين المتألقين ناصر الفراعنة وعيضه السفياني ، لكن أحب أن الفت نظر الجميع أن ماجرى في نهاية البرنامج مساء الثلاثاء يثلج الصدر ويؤكد أن ما يجري في الخفاء أمر لا يمكن قبوله وذلك من خلال مغادرة صاحب السمو الشيخ الفريق أول محمد بن زايد آل نهيان قبل النهاية بعشر دقائق وإنابة شقيقه الشيخ عبدالله وزير الخارجية بتسليم البيرق ، لا سيما وأن سموه كان في مقدمة الحضور و أكثر من صفق للشاعر النجم ناصر الفراعنة بل وابتسم كثيرا لتألقه دون غيره , فكان كعادته لا يرضى بما يجري وليس في يديه فرصة للتعديل بحجة أن هذا هو التصويت وعبر الحاسوب الذي لا يعلم سموه ( حفظه الله ) إنهم يعبثون به ، لكن هذه تحسب لسموه . وفي الختام آمل من جميع أبناء المملكة العربية السعودية جمهور وشعراء نبط وفصيح مقاطعة هذا البرنامج بعد أن انحرف عن مساره ، و أؤكد للجميع سقوطه لو تم ذلك بالتضامن منهم أسعد الله أوقاتكم . عبدا لرحمن الفراج [email protected]