المسلم المدرك لأحكام دينه الواعي رسالته في هذه الحياة شخص فريد ووحيد حقاً في هذه الدنيا استنار قلبه بنور الإيمان وعمل به ظاهراً وباطناً وتربى تربية رشيدة سديدة فهو صاحب رسالة حية وموحية في هذه الحياة وليس رجلاً هملاً لايعي واجبه ولا يدرك مسؤولياته وهو اجتماعي فذ يخالط الناس ويرفق بهم وينصح لهم ويبذل لهم من نفسه وعلمه ومعارفه وقدراته وماله ما استطاع لأنه يدرك أنه جزء في خلية حية . وروح الإسلام تأبى على المسلم أن يكون أنانياً جشعاً محتالاً مستأثراً بالخير وحده لأن المؤمن دوماً يحب لإخوانه ما يحب لنفسه لطيف العشرة والمعشر حسن اللقاء لا تراه أبداً إلا باشا هاشاً في وجوه إخوانه فهو ودود لا يجفو ولا يخون ولا يغدر مستقيم لا يتلون ولا يمكر ولا يخادع غيره إنه صاحب شخصية اجتماعية سوية راقية جعل الإسلام العظيم منه دوماً شخصية فريدة فذة ولقد كان من تعاليم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه كان يربي في أصحابه وينمي روح الجماعة الصالحة الصادقة ويقوي في كل مناسبة الإحساس الصادق بمضي الأخوة الصحيحة بحيث لايبقى في حس المسلم وروحه مجال للأنانية والأثرة وحب الذات التي كثيراً ما أضرت بالأمم والجماعات والأفراد ولقد تألق الإسلام كثيراً في هذه المسألة وأعطاها حقها من العناية والرعية بحيث أصبحت أمة الإسلام بحق ٍ وحقيقة \"خير أمة أخرجت للناس \" وكل توجه وكل تربية لاتهتم كثيراً بهذ الجانب تربية ناقصة وقاصرة . إن المسلم الحق الذي تربى على الإسلام ليأنف من كل خلق أو تصرف لايليق بالمسلم ولا بالمسلمين وإن المسلم الصادق مع ربه والذي أرهف الإسلام مشاعره وفتح نوفذ البصيرة في نفسه ليتحرى الخير دوماً لنفسه ولغيرة ويبذل جهداً ما استطاع لخير أمته ووطنه حيث أن من صفات المسلم الحق صفاء النفس وسلامة الصدر إن حس الإسلام الصحيح إنما يؤكده ويؤصله التفاعل التام مع تعاليم الإسلام وأصبحت نفس المسلم تنضح بشذا تعاليمه وآدابه ومُثله وأخلاقه وقيمه الرفيعة وهي أمور الأمة بحاضرها ومستقبلها بأمس الحاجة إليها . وما ارتقت أمة من الأمم إلا بهذا الخلق المنيع الرفيع إن أخوة الإسلام ليست كلمات تقال ولاشعارات ترفع ولا تنفع ولكنها تطبيق عملي واقعي لتعاليم الإسلام . لقد أدرك سلفنا الصالح ماتعنيه أخوة الإسلام فكانوا صادقين وعاملين حقاً نحو تحقيق هذا الهدف النبيل . وإن المسلم الواعي لمعنى هذه الأخوة لتتسع في نفسه دائرة الأخوة الصحيحة فلا يقصرها مع أهله وأولاده وأصدقائه بل يشمل بها إخوانه جميعاً . إن المسلم ذو قلبٍ كبير رحيم تظهر رحمته جليةً في النظرة الحانية إلى المحيطين به إنه يشاطر الناس ويشاركهم فيما هم عليه إن كفه الحانية الدانية لتمسح دمعة اليتيم والفقير والمسكين وتأخذ بيد العاجز الضعيف وتسدي الخير والمعروف إلى الناس جميعاً وتظهر الرحمة والعاطفة والشفقة في كل خطى المسلم كسمة مميزة له لا تنفك عنه والرحماء من عباد الله هم بعد الله محط الآمال ومعقد الرجاء عندهم مرافئ الراحة ومراحة الأمن وهذا الخلق الإسلامي النبيل جعله بين عباده لتمتين عرى المحبة والقرب وهو أدب إسلامي رفيع شرعه الله للتقارب والتعاطف والتآلف وجمع الشمل كما أنه من أهم خصال وصفات الحياة السعيدة الرغيدة....انتهى. الدكتور /عبد الحليم بن إبراهيم العبد اللطيف