آمن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بأن توفير التعليم الجامعي في معظم محافظات المملكة هو الاستثمار في الإنسان، إنسان هذا الوطن السعودي، إنها نظرة القيادة الثاقبة، قيادة القرن الحادي والعشرين الذي يتسم بسمات مميزة؛ ذلك أنه يضع في اعتباره حاجات البيئة الداخلية والخارجية، وهي عملية تواصل وتفاعل متواصل، تتغير حسب الموقف والظروف. فقد شهد عهده -حفظه الله- إنشاء 20جامعة حكومية بعد أن كانت يوماً من الأيام 8 جامعات، ليرتفع عدد الجامعات الحكومية إلى 28 جامعة آخرها 3 جامعات أمر بإنشائها وأعلن عنها اليوم في كل من حفر الباطن وبيشة وجدة. مترجم أحلام الشعب إن المتتبع لهذه الإنجازات من تزايد عدد الجامعات والكليات ودور التدريب، والتأكيد على التخصصات العلمية من طب وهندسة وصيدلة وحاسب آلي وتقنية المعلومات، ليجد أن المستهدف الرئيس لهذه الإنجازات هو إنسان هذا الوطن وثروته الحقيقية بتوفير سبل المعرفة له، وإنتاجها وتحويلها إلى قيمة مضافة إلى الاقتصاد الوطني، من خلال صقل قدرات ومهارات الإنسان السعودي بإكسابه المعرفة التي وفرتها القيادة الواعية والمبدعة، المتمثلة في نشر الجامعات في معظم محافظات المملكة، والتي سوف تؤتي ثمارها في المستقبل القريب بإذن الله. تلك هي الثروة الحقيقية التي رسمتها سياسة خام الحرمين الشريفين حيث جعلت الأحلام حقيقة، فقد ترجم حفظه الله رؤى وأحلام شعبه إلى حقائق. ويأتي ذلك لإدراكه التام أن التعليم الجامعي مؤسسة مجتمعية تفاعلية، تمارس التأثير في مجتمعها، وتتأثر بكل ما يواجهها من تحديات محلية وإقليمية وعالمية، مع السعي لبناء الإنسان السعودي بتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية بين أبناء الوطن الواحد، بتوفير وإيصال التعليم الجامعي إلى جميع مخرجات التعليم الثانوي في معظم مناطق ومحافظات المملكة، وما يترتب عليه من الحد من الهجرة الداخلية لأبناء المحافظات التي لا يتوافر فيها التعليم الجامعي، وتحاشي تزايد الطلب والضغط على المدن التي يهاجر إليها هؤلاء طلباً للتعليم الجامعي، والحاجة إلى تضاعف الخدمات على المدن من إسكان ومواصلات واتصالات، وما ينتج منها من اختناقات مرورية وحوادث، وغيرها من السلبيات. استثمار العقول وما مشروع التعليم العالي إلا واحد من إنجازات خادم الحرمين الشريفين التي تأتي من إيمان الملك عبدالله أن الاستثمار في العقل البشري هو الاستثمار الحقيقي، وأن الإنسان السعودي هو أغلى وأنفس رصيد، وأن التعليم هو الأساس الذي يحقق الاستثمار ويحقق تنمية هذه الثروة النفيسة. فإنجازات الملك عبدالله تمت في زمن قياسي، وبالنسبة للكيف فهي إنجازات نوعية.. فتم التوسع في عدد الجامعات الحكومية التي بلغ عددها 28 جامعة.. وما تضمنه هذا التوسع من افتتاح الأقسام والبرامج والتخصصات الحديثة المتطورة التي يفترض أن تلبي حاجة السوق.. هذه التحولات والتحديثات في البرامج والتخصصات والكليات هي نقلات نوعية ولا شك تصب في صالح الشاب السعودي، تنمي قدراته وتؤهله لسوق العمل والإنتاج. التحول من التجانس إلى التنوع ومما يؤكد النظرة الثاقبة في التوسع في التعليم الجامعي؛ ليشمل جميع فئات المجتمع، والاستثمار الأفضل في العنصر البشري الذي من أجله تم توفير هذه الإنجازات، أنها هدفت بالتخطيط الواعي الاستراتيجي بعيد المدى إلى توفير التخصصات العلمية التطبيقية كالطب والصيدلة والهندسة والحاسب وتقنية المعلومات واستخداماتها في مجالات الحياة المختلفة ضمن الجامعات الناشئة والحديثة التي تم إنشاؤها مؤخراً في عهد خادم الحرمين الشريفين، الذي يعتبر رائد التعليم العالي، حيث النقلة النوعية للتعليم الجامعي غير المسبوقة في جميع مجالاته، وأيضاً التحول من التجانس والتشابه إلى التنوع والتباين في برامج التخصصات العلمية. ثقافة النمو والابتكار يعاد النظر في صياغة الأهداف الجامعية للأقسام والبرامج العلمية استجابة للتغيرات والحاجات المتنوعة لمتطلبات الأعمال بين فئات المجتمع المختلفة من خلال المراجعة المستمرة للبرامج العلمية وملاءمتها للمتطلبات المهارية المتجددة، مع إحداث التكامل والتعاون بين مؤسسات المجتمع الواد، ولتفادي الهدر والفاقد والازدواجية والنمطية من المخرجات ذات النموذج الواحد والنسخ المتكررة، وكذلك التحول من ثقافة التراكمية والاسترجاعية إلى ثقافة النمو والابتكار والإبداع؛ ذلك أن المعرفة كالكائن الحي، ينمو ويتجدد، ولكن لا يهرم بهرم الإنسان، والسعي إلى التقدم وما يلقاه من دعم مادي ومعنوي من لدن القيادة يستلزم المثابرة على تجديد المحتوى والأدوات والطاقات المؤهلة وإطلاق الملكات الإنسانية والأفكار المبدعة وتطبيقاتها العملية في الواقع المعاش؛ ذلك أن التعليم الجامعي هو المشتل الحقيقي لتفاعل تلك المكونات للتوصل إلى نتاج عناصر مألوفة بمخرجات غير مألوفة، وأيضاً التحول من ثقافة الحد الأدنى إلى ثقافة الجودة؛ حيث إن هناك تزايداً في الاهتمام بقضية الجودة الشاملة في التعليم الجامعي إلى درجة أن كثيراً من المفكرين والمثقفين والمهتمين بشؤون التعليم يطلقون على هذا العصر عصر الجودة الشاملة باعتبارها العنصر الأهم نحو الإصلاح التربوي، وأن التوجه نحو كفاية البرامج التعليمية وفاعلية مخرجاتها يساهم في الارتقاء بمستوى تلك المخرجات من مستوى الحد الأدنى إلى مستوى الجودة للوفاء بمتطلبات المعايير الأكاديمية العالمية. اتساع قاعدة التوظيف وامتصاص البطالة ومما يستشرفه التعليم الجامعي بالتوسع في نشره بين مناطق المملكة ومحافظاتها من تسهيل متزايد في الالتحاق بالتعليم الجامعي وتغيير هياكل الدراسة ومداها وتنوعها، مع اتساع مفهوم التقنيات التربوية وتطبيقاتها العملية، وسد الفجوات الفاصلة بين التعليم والعمل، مع ارتفاع في مخرجات التعليم الجامعي كماً وكيفاً، كفيل بأن يؤدي إلى اتساع قاعدة التوظيف وفرص العمل، وارتفاع دخل الفرد والأسرة، وامتصاص نسب عالية من البطالة المتعلمة.