خيم الحزن على محافظة أملج صباح اليوم, بعد تلقي أهالي المحافظة نبأ استشهاد العميد عودة بن معوض البلوي قائد حرس الحدود بمنطقة الحدود الشمالية واثنين من رجال الأمن, على اثر هجوم إرهابي وقع في مركز سويف الحدودي فجراً. وأجمع أهالي أملج وجميع من عرف الفقيد –رحمه الله- أنه قد وضع بصمة في قلوب زملائه وكل من عرفه وتعامل معه من حيث دماثة الأخلاق والتفاني والإخلاص في أداء عمله حُباً لدينه ووطنه.
تمنيه الشهادة
وكشف ل"صحيفة أملج" الإعلامي فايز السميري وهو من أصدقاءه - رحمه الله – أنه كان يتمنى الشهادة في سبيل الله دفاعاً عن الدين وحمى الوطن, وبين قائلاً : "عندما تم نقله من قائد قطاع حقل إلى الحدود الشمالية قائداً لها, تحدثت معه وباركت له فرد : يا فايز أنا جندي لهذا الوطن وما نقلي إلى هناك إلا بفضل الله ثم ثقة ولاة الأمر بي بأن أحمي مع زملائي هذه الحدود وإذا كانت الشهادة لي في الدفاع عن ديني ووطني فمرحباً بها فوالله إنني أتمنى الشهادة في سبيل الله دفاعاً عن الدين وحمى الوطن".
وأكمل السميري حديثه : " رحمك الله أبا محمد رحمة واسعة لقد تمنيت الشهادة فأتت لك حبوا, رحمه الله وقد عرفته أخاً وصديقاً وناصحاً, رحم الله شهيد الواجب, استشهد أبا محمد وهو صائم, تعجز الكلمات عن الخروج ويعجز اللسان عن التحدث, كان ذو أخلاق عالية يحب الصغار والكبار وكان حريصا على صلاة الفجر في جماعة محب لدينه ووطنه وكان يقول لي رحمة الله: فايز أوصيك بالصلاة والحفاظ على دينك ووطنك".
الشهيد الصائم
سعود البلوي ابن أخت الفقيد –رحمه الله- قال في تغريدة عبر حسابه الشخصي في تويتر : "استشهد خالي العميد عودة البلوي وهو صائم الأيام البيض" وتسائل في تغريدته " يا من قتلته وتدعي أنك شهيد .. كيف ستلاقي ربك ؟! ".
الزميل المتواضع
ويقول رئيس بلدية أملج "المهندس محمد بن راشد العطوي" بنبرة حزينة : " جف الكلام, فالشهيد اختصر لنا قصة الحياة, عاش حسن الخلق, تقي, كريم, ومات شجاعاً شهيد".
وأضاف : كنت شاهداً على تواضعه وحسن خلقه وتدينه طيلة عملنا سويا, أسال الله أن يتقبله مع الشهداء والصديقين.
القائد والأخ
وعٌرف عن العميد الشهيد تفانيه في أداء عمله منذ أن بدأ العمل عام 1407ه في مركز التدريب بمحافظة الوجه, ثم بمكتب قائد حرس الحدود بالمنطقة, وعمل قائداً لقطاع حرس الحدود بأملج لما يقارب ال 8 سنوات حيث عين قائداً لحرس الحدود في محافظة أملج عام 1426 ه , وفي عام 1434 ه صدر قرار نقله قائداً لقطاع حرس الحدود في محافظة حقل, ثم نقله إلى منطقة الحدود الشمالية مساعداً لقائد المنطقة قبل أن يصدر قرار تعينه قائداً لمنطقة الحدود الشمالية قبل شهر تقريباً.
ويقول الرقيب عبد الرزاق الشريف وهو أحد الأفراد الذين عايشوا الشهيد في فترة عمله قائداً لقطاع أملج : "أبو محمد, الإنسان, الأخ, والقائد, عمل بقطاع أملج لمدة 8 سنوات تقريباً كان تعامله معنا كأخ وصديق للجميع, وأذكر كلمة له باستمرار يقولها لي عندما أكون بأي عمل كان يأتي لنا لرفع الروح المعنوية حيث يقول "ما بقي غير الجميل" هذا الرجل إن زعل لا يستمر زعله سوى دقائق فهو متسامح لأبعد حد, رحمه الله لم يدخل احد مكتبه في يوم من الأيام وله حاجة لما خرج إلا وقد قضيت له, رحمك الله يا أبو محمد وعظم الله أجر الجميع".
كافل الأيتام
وتحدث إلى "صحيفة أملج" مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بأملج والإمام والخطيب الشيخ "عادل المحلاوي" قائلاً : في البداية نعزي أنفسنا ونعزي الوطن باستشهاد العميد عودة البلوي وقد كان مثالاً للقائد الخلوق وقد كان –رحمه الله- متعاوناً معنا في مكتب الدعوة لكل ما من شأنه خدمة أعمال وأنشطة الدعوة وكان دائماً ما يدعونا لإقامة الندوات والمحاضرات لأفراد وضباط القطاع ويوصينا بزيارة المراكز المختلفة لإلقاء الكلمات الدعوية ودعوة بعض العمالة غير المسلمين الذين يعملون في القطاع.
وأضاف : " حدثني أحد المقربين منه –رحمه الله- أنه يكفل 7 أيتام وأكثر من أسرة وأن له أعمال خير يحرص أن تكون بالسر ولا تظهر حتى لمن حوله وقد ذكرت هذا في حسابي على تويتر ولن أقول القائد عودة البلوي بل المصلي العابد الخاشع, يكفينا شهود الله في أرضه الذين شهدوا له بالصلاح". وأختتم متسائلاً : " بأي دين كان الغدر جهاد؟.. المصلي العابد الخاشع أتقتله الأيدي الآثمة ؟!".
رجل الصف الأول
"مسجد سلامة الحجوي" في حي العليا بأملج, وهو الحي الذي سكنه شهيد الواجب -رحمه الله- ولا زالت أسرته تستقر فيه حتى بعد انتقال عمله إلى الحدود الشمالية, سيفتقد رجل الصف الأول في صلاة الفجر الشهيد العميد عودة البلوي بعد أن اغتالته أيدي الغدر.
ويؤكد إمام المسجد سابقاً وجار الفقيد "الشيخ عبدالرحمن الحجوري" أنه نعم الجار ونعم الرجل القائد في عمله وفي حيه وجماعة مسجده, وقال : " أبو محمد رحمه الله كان رجل الصف الأول في مسجدنا خاصة في صلاة الفجر وفي أحد الأيام افتقدته في صلاة الفجر قبل أن يخبرنا أحد أفراد جماعة المسجد بأن العميد عودة تعرض لإصابة في قدمه أثناء قدومه للمسجد لأداء صلاة الفجر ونقل إلى المستشفى, وقد ذهبنا للاطمئنان عليه وتبين إصابته بكسر في قدمه أجرى على اثره عملية جراحية.. رحمك الله أبو محمد وأسأل الله أن يجازيك خير الجزاء وترى أثر ما قدمته".
بصمة وأثر
المدير التنفيذي للمستودع الخيري بأملج "فهد القنيدي" قال إن هذا الرجل ترك بصمة حسنة في كل مكان مر به في حياته, وقال : "عاش في أملج عدة سنوات ترك صفحة بيضاء, ظهر أثرها عندما رأيت وجوه أهالي أملج عند سماع خبر استشهاده, وكيف خيم الخزن عليهم, يكفي أنه كان على خلق حسن, محافظاً على أداء الفروض الخمس, وقد ختم الله له خاتمة حسنة, نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحد, وقد قضى غدراً وخيانة من قبل هذه الفئة الضالة, رحمك الله تعالى أبو محمد".
إلى ذلك تفاعل الوطن كله مع هذا الحادث الأليم, وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوات لشهداء الوطن والاستنكار لهذه الحادثة الشنيعة, وعبر الشاعر "محمود عزازي" عن دعواته بأن يرحم الله الشهيد ويسكنه جنة الأبرار, وقال بأبيات :