مدينة فينيسيا الإيطالية هي أشهر من نار على علم وهي معروفة عند غالبيتنا بمسماها (البندقية) وهي مدينة تجذب الزوار من كل أنحاء العالم ..لها سحر خاص ومشهورة بقواربها الطويلة المسماة بالجندول، ما يميز هذه المدينة عن غيرها من مدن العالم أن المياه تغمر أرجاء كبيرة منها وسكانها غالبا لا يستخدمون الطرقات بل ممرات مائية يسيرون بقواربهم خلالها وحتى أبنيتها التي يعود تاريخ بعضها لأكثر من 500 عام أساسات أغلبها يمتد تحت الماء ويرفض أغلب سكانها الخروج منها أو التخلي عنها رغم مخاطر غرقها التي تزداد يوما بعد يوم .. دائما ما كنت أستمع لأحد الأشخاص المقربين الى قلبي وصفه لأملج بأنها فينيسيا الشرق، ويعتز بذاك الوصف أيما اعتزاز، وفي أحد الأيام طرأت على بالي فكرة ماذا لو انتقلت أملج إلى موقع فينيسيا وفينيسيا إلى موقع أملج، ما الذي سيحدث لو تم التبادل بين المدينتين مع فارق الخصوصية بالطبع لنبدأ أولا بمدينتنا الغالية أملج : أولا سيأتي خبراء في الآثار لوضع طرق المحافظة على كافة المباني الأثرية والتشديد على حمايتها واعتبارها كنوزا لا يجب المساس بها ثم يأتي خبراء التنمية البشرية لوضع خطط لإفادة سكان المدينة من الموارد الاقتصادية الهائلة التي ستصب في صالحهم، وبعدها تهل عليها كافة المشاريع الانمائية للمحافظة على أهلها ودعم السياحة المحلية والخارجية مع المحافظة على التراث المحلي في كافة أصعدة الحياة، وستعاد صناعة بناء السفن و(القطاير والهواري) بنفس التفاصيل القديمة، والتي جعلتها في يوم ما مطلوبة في كل المدن الكبرى على ضفاف البحر الأحمر، وسيكون هناك مشاريع ومرافق حيوية للمدينة من مطار وميناء وفنادق ومنتجعات سياحية للترويج للمدينة عالميا ونشر حملات إعلانية تدعو الناس لزيارتها والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة وتعامل أهلها الراقي مع الزوار. فينيسيا : ستعاني من الإهمال الشديد وتحرم من كافة الميزات التي تحصل عليها حاليا، وسيهجرها أهلها وتهدم مبانيها بسبب الإهمال الشديد أو بسبب بناء مباني حديثة قبيحة الشكل وخالية من أي ملامح جمالية خاصة ببيئتنا وتراثنا بحجة التطور والتقدم، وستخلو من كافة قوائم الوجهات السياحية المفضلة في العالم، ثم تتعرض جناديلها الشهيرة للدفن والتكسير والإهمال وينسى الكل شكلها وجمالها وتفاصيلها الأنيقة، ثم يأتي خبراء محليين أو مسؤولين صغار ليقولوا أن لافائدة من استمرار هذه المدينة البالية وستترك لتغرق ويغرق معها كل شئ كان جميلا ومقصدا لملايين الزوار من مختلف أنحاء العالم. ولابد أن أورد بكل صدق أن طيبة وألفة وبياض قلوب أهل أملج لاتجده في أي مكان أخر سواها، فهي فعلا خاطفة للقلوب وأهلها خير مثال على الشهامة والطيبة والحب المجتمعي العفوي الصادق، أخيرا: هذا المقال يمكن تطبيق كل ماجاء فيه عكسيا لنرى أين وصلت فينيسيا و أين وصلت أملج، وكل فكرة حالمة وواقع مرير وأنتم بخير.