ودع حجاج بيت الله الحرام المتعجلين المسجد الحرام بعد طواف الوداع، وسط مشاعر اختلجت فيها فرحى أداء الفريضة بحزن فراق البيت الحرام والمشاعر المقدسة. ووصلت إلى المدينةالمنورة قبل مغرب اليوم طلائع الحجاج المتعجلين بعد أن مَنّ الله عليهم بتأدية مناسك الحج. وشوهدت مركبات تقل الحجاج تصل للمركز الأمني الأول ( كيلو 9 ) وسط تضافر الجهود الكبيرة والتنسيق المتكامل بين الجهات ذات العلاقة للتيسير على حجاج بيت الله الحرام الراغبين بزيارة المسجد النبوي بالمدينةالمنورة والتشرف بالسلام على الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما, وذلك بمتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة رئيس لجنة الحجب المدينةالمنورة الذي يقف شخصيا على جميع الخدمات التي تقدمها مختلف الجهات المعنية لضيوف الرحمن . وفي مواكبة قدوم مزيد من ضيوف الرحمن لطيبة الطيبة خلال الأيام القلائل المقبلة شرعت جميع الجهات الحكومية والأهلية في تنفيذ الشق الثاني لخططها التشغيلية الخاصة بالحجاج بعد النجاح المميز الذي حققته في فترة ما قبل الحج. وانتشرت على الطريق السريع الرابط بين المدينةالمنورةومكةالمكرمة دوريات الأمن والمرور وسيارات الإسعاف التابعة لهيئة الهلال الأحمر السعودي من أجل توفير مزيد من التنظيم والسلاسة للسيارات والحافلات إلى جانب التدابير الأمنية الوقائية بغية توفير أفضل الظروف لزوار المدينةالمنورة من الحجاج سواء الذين سيكمثون بها أو العابرين لها , وخاصة من حجاج الداخل. كما باشرت أمانة منطقة المدينةالمنورة تنفيذ خططها المعدة لخدمة ضيوف الرحمن من حجاج بيت الله القادمين إلى المدينةالمنورة من خلال خطة شاملة لعمل الأمانة والبلديات التابعة لها داخل المدينةالمنورة, تتركز في مجملها على ضمان صحة البيئة, والأسواق, والنظافة العامة, والرقابة الصحية, وتنظيم الأسواق ومراقبتها على مدار ال 24 ساعة. وكانت مواكب الحجيج المتعجلين قد ودّعت اليوم مشعر "منى" بعد قضاء نسكهم وإتمام أدائهم للركن الخامس من أركان الإسلام، فيما يغادر غدًا من آثروا عدم التعجّل والبقاء لآخر لحظة على صعيد مشعر منى الطاهر. وشهدت لحظات الوداع بين الحجاج عناقاً وتبادل عناوين وعبارات توديع ودموع الفراق لصحبة جمعهم في هذا المكان حب وطاعة وقرب من الله، تلك هي ملامح الفصل الأخير من أيام منى المتكررة مع كل جموع الحجيج على مر الأزمان. كما عاشت مخيمات مشعر منى حركة دؤوبة منذ ليلة البارحة وذلك من خلال تجهيز الحجاج لحقائب المغادرة، ومع خروج البقايا الأخيرة من الحجاج بدأت فرق النظافة التدخل لجمع مخلفات الحجاج في موسم يعتبر من أروع مواسم الحج. وتبادل ضيوف الرحمن في ختام النُّسك التهاني بعد إتمام الفريضة وكلهم أمل في أن يعودوا إلى بلدانهم محمّلين بالذكريات الجميلة والحكايات الروحانية التي يشعر بها الحجاج، منى البيضاء التي تميّزت بأفضل الممارسات الحضرية على مستوى العالم من حيث توفير المسكن واحتضانها الخدمات الشاملة ورعاية حجاج بيت الله الحرام وأنفقت عليها الدولة المليارات بسخاء دون مِنّة أو رياء جسّدت كل معاني البياض، بياض الوجوه التي تشع نورا وإيماناً, بياض الإحرام وبياض الخيام وبياض القلوب. قصة وداع منى للحجاج تبقى عالقة في الذاكرة، فكل اللحظات والدقائق والأماكن والبقع في المشاعر المقدسة عاشوا فيها ذكريات وقصص جميلة وملأها الحب والسعادة عمروها بالطاعات والذكر والعبادة لله، سكبوا فيها الدموع والعبرات رغبة ورهبة بين يدي مولاهم الرحمن، يحدوهم الأمل والرجاء بقبول النسك ومغفرة الذنوب. ومنظر مغادرة الحافلات والسيارات لمشعر منى منظر مهيب تخلج كل أهل منى شعور بألم الفراق وحرقة الوداع لهذه الأراضي المباركة. وتشهد حركة جموع الحجيج المودعة لمنى اليوم موجات بشرية متحركة في ختام نسكهم برمي الجمرات ثم التحرك صوب طرقات المسجد الحرام بانسيابية تنظِّمها سواعد مخلصة من رجال الأمن التي واصلت ساعات التنظيم تلك تحت لهيب أشعة الشمس، متمركزين في مداخل منى جنوبًا حتى مخارجها بالتقاء مكةالمكرمة شمالًا لحماية ضيوف الرحمن التي حاطت بهم الرعاية الأمنية من كل صوب, فالطائرات العمودية والرحلات الاستطلاعية لم تفتأ تواصل المراقبة الجوية من المشاعر إلى رحاب البيت العتيق، فيما ظلت كاميرات الرصد موزعة بين غرف القيادات والمراقبة تحت أنظار البواسل الدقيقة ترصد كل تحركاتهم من المشاعر إلى مكةالمكرمة. وخلت مخيمات منى من ساكنيها وقد لفها الحزن في لحظات الوداع ولم يتبق فيها سوى بقايا ذكرياتهم التي ستُمحى من ذاكرة منى على أمل أن تلتقي ضيوفها العام القادم، فيما جد العاملون بالمخيمات التابعين لمؤسسات الطوافة وشركات حجاج الداخل التحرك السريع في لَمْلمة كامل محتوياتها وتنظيف الخيام. وباشرت أمانة العاصمة المقدسة من جهتها تكثيف فرق النظافة الميدانية وتحريك آليات لرفع وسحب حاويات الضغط الكبيرة التي تحوي أطناناً كبيرة من النفايات.