الكاتب/ عبدالعزيز بن صالح العجلان في الدول المتقدمة يعتبر الفساد أمرًا متسترًا عليه، حيث يجتهد الفاسدون إلى إخفائه بطرق ملتوية؛ كي لا يشيع إلى العلن فتطال الفاسد يد القانون والعدالة، أما في بعض الدول العربية يمارس الفساد بشكل علني دون خوف، حتى تحولت أشكال الفساد المختلفة، من محسوبية ورشوة ونهب للمال العام إلى ظاهرة طبيعية، ولا يترتب عن فضحها أي آثار قانونية. في عام 2014 شنت الصين حملةً لاجتثاث جذور الفساد من المجتمع في مستويات عديدة، وتم إدانة 130 ألف مسؤول حكومي في قضايا فساد ورشاوى. في هذه الأيام تعيش مملكتنا الغالية أياماً خالدة ستحكي عنها الأجيالُ القادمة بكل فخر واعتزاز. الحرب أو مكافحة ظاهرة الفساد التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والذي يعلم بأنه لا يمكن أن يكون هناك بناء بدون محاربة للفساد، فقد أظهرت نتائج منظمة الشفافية العالمية(TRANSPARENCY INTERNATIONAL) والمختصة بمحاربة الفساد في العام الماضي 2016، بأن دولة الدنمارك تعتبر أقل دول العالم فساداً بينما دولة الصومال هي أكثر دول العالم فساداً، وأظهر التقرير بأن المملكة العربية السعودية تحتل 62 عالمياً، وهذا التقرير يُظهر تراجع المملكة العربية السعودية، حيث كانت تحتل في عام 2015 الترتيب 48 عالمياً وهذا مؤشر خطير؛ وهذا ما دعا سمو الأمير محمد بن سلمان بإعلان الحرب على الفساد، فلا يمكن لرؤية 2030 أن تتحقق دون انتزاع هذه الظاهرة. تبني منظمة الشفافية العالمية على عدة أمور أهمها الفساد الاقتصادي والفساد السياسي، وتدني الوضع المعيشي للمواطن، والفروق الاقتصادية بين المواطنين وغيرها من المعايير. فالسؤال هنا ما سر نجاح دولة الدنمارك؟ قبل أن نتحدث عن هذه الدولة سوف نتطرق إلى فضيحة هزت الصحافة الدنماركية وذلك في عام 2008،حيث تم الكشف عن وزير الداخلية في ذلك الوقت "لارس غاسموسن "، حيث استخدم أموال الدولة في شراء علبة سجائر فاخرة، واستأجر سيارة في ذلك اليوم من أموال الدولة، فبعد أن ضجت الصحافة وتحدثت عن هذه الفضيحة؛ أعاد الوزير الأموالَ التي صرفها إلى الدولة، وقدم اعتذاراً رسمياً للشعب الدنماركي. وهذه الحادثة لا تدل إلا على قوة النظام الدنماركي، وعدم السماح لأي شخص كان بأن يستغل أموالَ الدولة حتى ولو كان المال بخساً أو قليلاً. من أهم أسباب نجاح دولة الدنمارك وقلة الفساد فيها هو إنشاء الوكالة الدنماركية للتنمية الدولية، وهي هيئة مستقلة مدعومة من الحكومة الدنماركية وتشرف على نظام نزاهة، وهو نظام صارم يراقب القطاعَ العام والقطاع الخاص، كما يقوم بمراقبة جميع السلطات، التشريعية والقضائية والتنفيذية، كما تقوم هذه الوكالة بمراقبة الهيئات الحكومية والخاصة، حيث تعتمد هذه الوكالة إلى الإلزام بنظام الإفصاح المالي لكل موظفي الدولة . كما أن للدنمارك نظاماً خاصاً يُفصح عن جميع المعلومات الخاصة بميزانية الدولة. في نهاية هذا المقال أتمنى أن تستفيد الجهاتُ الرقابة كهيئة مكافحة الفساد( نزاهة) وهيئة الرقابة والتحقيق، وديوان المراقبة العامة وغيرها من تجربة الوكالة الدنماركية للتنمية الدولية. وأسأل الله -عز وجل- أن يوفق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عراب رؤية 2030 لاجتثاث هذه الظاهرة وأن يعينه على فعل ما فيه صلاح البلاد والعباد، وأن يرزقه سداد النظر وتحقيق العدل وقوة اليد في إحقاق الحق ومحاربة الفساد وأهله. الكاتب/ عبدالعزيز بن صالح العجلان