في صباح الثلاثاء، الثامن من رمضان عام 1426ه، تُوُفِّيَ أحد أئمة العلماء وأعلامهم النبلاء؛ وَهُوَ الشيخ عبدالله بن حسن بن قعود، عن عمر يناهز الثالثة والثمانين، بعد أن لازمه المرض بضع سنين. ووُري الشيخ "ابن قعود" الثرى في مقبرة العود، وسط مدينة الرياض، التي اكتظت الطرقات المؤدية إليها بالسيارات والمشاة، فقد شيعه عدد كبير من الناس، فيهم الأمراء والعلماء والمسؤولون وغيرهم، من محبي الشيخ، رَحِمَهُ اللَّهُ. مولده ونشأته هو الشيخ العلامة الأثريُّ عبدالله بن حسن بن محمد بن حسن بن عبدالله بن قعود، وُلِد ليلة السابع عشر من رمضان سنة 1343ه لأسرةٍ ذات ثراءٍ، في بلدة الحريق بوادي نعام أحد أودية اليمامة، جنوبالرياض. نشأ الشيخ في بلدة الحريق بين أبوين كريمين ببيت ثراء وفضل، وتعلم مبادئ الكتابة والقراءة من المصحف لدى محمد بن سعد آل سليمان، وذلك في آخر العقد الأول من عمره وأول الثاني. وقرأ "ابن قعود" القرآن بَعْدَ ذَلِكَ عن ظهر قلب، وبعض مختصرات شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام محمد بن عبدالوهاب، رحمهما الله، على قاضي بلدته آنذاك الشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم آل عبداللطيف، رَحِمَهُ اللَّهُ. حياته العملية في 1375/5/4ه عين الشيخ "ابن قعود" مدرساً بالمعاهد العلمية، وفي 1379/5/9 ه انْتَقَلَ إلى وزارة المعارف مفتشاً للمواد الشرعية بالمرحلة الثانوية، وفي 1380/11/8ه انْتَقَلَ إلى ديوان المظالم عضواً قضائياً شرعياً. وفي 1397/4/1ه انْتَقَلَ إلى رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء، وعمل بها عضواً في اللجنة الدائمة للإفتاء المنبثقة من هيئة كبار العلماء بجانب عضويته في الهيئة. كما عمل متعاوناً مع جامعة الملك سعود في إلْقَاء محاضرات لطلاب الدراسات العليا بقسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية، وفي 1406/1/1ه أُحِيلَ للتقاعد. جهوده العلمية للشيخ "ابن قعود" جهود مشكورة في مجال الدعوة إلى الله، تمثلت فيما يلي: في إلْقَاء الدروس العلمية والمحاضرات، وقد رتب الشيخ دروساً علمية في ثلاثة أَيَّام في الأسبوع: السبت والاثْنَيْن بعد صلاة المغرب، ويوم الْجُمُعَة بعد صلاة الْجُمُعَة في الكتب التالية: تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد، الدين الخالص، مختصر الصواعق المرسلة، بلوغ المرام وشرحه سبل السلام، صحيح مسلم، اقتضاء الصراط المستقيم، وقرئ عليه في تفسير ابن كثير، وزاد المعاد، وصحيح البخاري، وكتب كثيرة في فنون شتى. كما كان له مجلس علم خاص، مع بعض طلابه، في فن السياسة الشرعية، أنهى فيه معهم دراسة كتاب السياسة الشرعية، للإمام أبي العباس ابن تيمية، وكتاب: مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية، لأبي عبدالله البعلي، والاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، لأبي الحسن البعلي، وكتاب: الطرق الحكمية، للعلامة ابن قيم الجوزية، وكتباً أخرى موسمية، وبعض البحوث العلمية، روى ذلك أحد طلابه المواظبين على ذلك المجلس، الشيخ سعد بن مطر العتيبي، وَقَالَ: إنه لم يتوقّف إلا عند مرضه رَحِمَهُ اللَّهُ وأجزل مثوبته.