بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه، ومن والاه. الألم تلك الكلمة الموجعة والدالة على الوجع.. الألم تلك الكلمة التي لا يوجد إنسان على وجه الأرض إلا ويعرفها وجربها، فللجوع ألمه، وللشوكة ألمها، وللجرح ألمه، وللفراق ألمه، وللمرض ألمه، وللخذلان ألمه، و….. وبالعموم فإن كل تلك الآلام في حياة الإنسان لا تخرج عند تصنيفها عن نوعين: ألم جسدي وألم نفسي، وهي من الابتلاءات التي وعد الله عليها بالثواب، وتكفير الخطايا، ورفعة الدرجات، وكتب أن يوفَّى الصابرون عليها أجرهم بغير حساب. والإنسان المريض يتألم جسده من المرض، كما قد تتألم نفسه منه، ويحزن فؤاده؛ خاصة إذا كان هذا المرض مزمناً وشديداً. وتأتي الرعاية النفسية للمريض في أولويات الجهات الصحية في الدول المتقدمة؛ وذلك لأهميتها في التأثير الإيجابي للعلاج، ودعم المريض في مواجهة المرض. وقد أحزنني كثيراً ما قرأته على صحيفة تواصل يوم السبت 23/4/1438ه على لسان مريضات الفشل الكلوي اللواتي يعالجن بمركز الملك عبدالله لغسيل الكلى بالرياض، وما ذكرنه من الألم النفسي الذي يعتريهن من مباشرة الممرضين الرجال لهن أثناء عملية الغسيل الدموي، وأن المريضة قد تضطر مرغمة على أن يمسك الممرض يدها، وصدرها، وظهرها؛ لأن ذلك من مستلزمات الغسيل! إنه الألم المزدوج، ألم البدن وألم النفس المؤمنة العفيفة الحييّة! والأشد إيلاماً وغرابة أن أولئك الأخوات المسلمات المريضات ذكرن أنهن طلبن من إدارة المركز تخصيص ممرضات لهن لكن الاستجابة كانت عكسية! (وقد تكلمنا مع الأطباء والإدارة فزاد الأمر، حيث بات يدخل بدل الممرض ثلاثة بالرغم من أن هناك ممرضات (وهذه الشكوى باتت تتردد كثيراً وبصورة ملحوظة ليس في مراكز الغسيل فقط بل في كثير من التخصصات الطبية، فمثلاً تضطر المرأة أن تكشف جسدها، أو تلد مولوها على يد طبيب بحجة عدم وجود طبيبة، وفي حالات كثيرة تكون الطبيبة موجودة لكن لسبب ما يتم إجبار المرأة على ذلك وسط غضب وسخرية وتهجم وتهكم، كأنها تطلب حراماً أو مستنكراً! إن إصرار بعض المستشفيات في بلادنا على مباشرة الرجال للنساء، ومباشرة النساء للرجال في الطب والتمريض أمر يدعو للعجب الشديد، مع أن المستشفى يكون زاخراً بالتخصصات من الجنسين، وبالإمكان تخصيص كل جنس بتطبيب جنسه، فإذا كانت المطالبة بمستشفيات نسائية تقابل بالرفض الشديد وبمبررات واهية لا تنطلي، فعلى الأقل يجب أن يعالج ما يحدث في بعض المستشفيات والمراكز الطبية من فرض دخول النساء على الرجال، ودخول الرجال على النساء في التطبيب والتمريض، فديننا يحرم هذا الأمر إلا للضرورة، ونحن نرى أنه يفرض علينا ونجبر عليه بلا ضرورة. إننا عندما نقول ذلك نقوله بحمد الله ونحن في بلد الإسلام، في ديار التوحيد وتحكيم الشريعة الإسلامية، ولسنا في بلد علمانية أو دكتاتورية، فحكامنا يقولون لنا: إن أبوابهم مفتوحة لنا ولمطالبنا المشروعة؛ فهل هناك مطلب أكثر مشروعية من حفظ حيائنا وديننا وحشمتنا، وتجنيبنا رجالاً ونساء مزالق الاختلاط والمساس المحرم. إن ما تقدم ذكره يحتم علينا جميعاً أن نرفع مطالبنا لولي أمرنا – حفظه الله ورعاه – وهو المعروف بالحزم وبعد النظر وحماية المقدسات، وإن عورات أخواته وبناته المسلمات وحفظهن من اطلاع غير محارمهن عليها من أعظم المقدسات التي تستنجد – بعد الله – بحزمه وكلمته الفاصلة فيها. فهل من لبيب أريب يرفع مطلبنا إلى مقام والدنا؟! اللهم اشملنا بلطفك وعطفك، وأمانك وضمانك، وإحسانك، فإننا إليك راغبون، وبك مستعينون، وبجنابك مستجيرون. والله من وراء القصد عفاف الحقيل