يسعى الكثير إلى تحصيل عقار, ويحرص قليل إلى تثبيت ملكية العقار, وما أجمل أن يجمع الإنسان بين الحسنيين, فيحصّل عقاراً ويُثبت ملكيته, ولا يكون هذا إلا بمعرفة الطرق والوسائل التي يعترف بها الشرع والنظام, فلو احتج خالد على زيد ورفع في شأنه قضية في المحكمة وادعى فيها بأن زيداً لم يفرغ العقار لصالحه في كتابة العدل, ثم ردّ زيد على الدعوى بقوله: إنني وافقت على بيع العقار ولكني لم أوافق على الثمن, فحينها يحكم القاضي برد الدعوى؛ لأن أحد أركان البيع للعقار لم ينعقد, ألا وهو ركن الثمن, ولذا من المهم أن نعلم أن أركان بيع العقار خمسة وهي: 1-الصيغة: وهذا يتم بكل لفظ أو فعل يدل عليه. 2-العاقد البائع: فلا بد من وجود بائع في العقد. 3-العاقد المشتري: فلا بد من وجود مشتري في العقد. 4-المعقود عليه الثمن: فلا بد من تحديد الثمن وماهيته والموافقة عليه 5-المعقود عليه المثمَّن: فلا بد من تحديد المثمن وماهيته والموافقة عليه. ولنعلم بأن هذه الأركان الخمسة قد تنعدم وتنهدم أمام الإجبار والإكراه, فلو وُجد إكراه أو إجبار لأحد العاقدين فإن البيع ينفسخ. وسنعرض في مقالتنا هذه قضيةً عقارية حصلت في المحكمة العامة بالدمام عام 1413ه تؤكد أهمية توافر الأركان الخمسة في عقد بيع العقار, كما تؤكد أهمية توثيق الأركان الخمسة بطرق الإثبات, حتى لا يضيع الحق على صاحبه, وملخص قضيتنا هو في القصة الآتية: ذهب رجل إلى مكتب عقاري وقابل فيه مالك لإحدى العقارات في الدمام, واتفق الطرفان على أن يبيع مالك العقار للمشتري بيتاً بمبلغ قدره مائة وعشرون ألف ريال, ثم وقّع الطرفان على وثيقة المبايعة واستلام الثمن, ووعد البائع المشتري بأن يقر بالمبايعة لدى كاتب العدل, وأن يفرغ الصك باسم المشتري, ولما ذهب المشتري إلى كاتب العدل لم يجد البائع بعد البحث عنه, وطلب المشتري من القاضي بأن يحكم له بثبوت شرائه للبيت, وأنه ملك له, بعد ذلك طلب القاضي من المشتري البينة على توافر الأركان الخمسة في عقد بيع العقار, فقام المشتري بإبراز وثيقة المبايعة وهي من مطبوعات المكتب العقاري, وفي الوثيقة تفاصيل التعاقد كاملة, كما أن المشتري أحضر شاهدين يشهدان بالمبايعة, واحتوت شهادتهما توافر أركان البيع الخمسة, كما حضر من يشهد بعدالة الشاهدين, وقام القاضي بالتحري والبحث عن البائع لدى الشُّرط والسجون والمستشفيات فلم يجده, وتم الإعلان في جريدة اليوم ولا مجيب. ثم حكم القاضي بثبوت المبايعة للعقار وملكية المشتري لهذا العقار, وصدق الحكم من محكمة التمييز. وأختم حديثي بالقول: لا يكفي بأن تدفع مالاً لتملك الأرض أو البناء, بل لا بد من توثيق البيع ليثبت الحق ولا يضيع, فتوثيق الحقوق أجدى من لجلة الحلوق, والمساحة في توثيق الحق واسعة وليست محصورة بطريقة واحدة, ولا تنس بأن القضاء يفرق بين صورتين في طلب الإفراغ للعقار, فالمشتري الذي يطلب الإفراغ ليس كالبائع الذي يطلب الحكم بالإفراغ, فالأول وهو المشتري لا يحتاج إلا لإثبات أركان العقد, وانتفاء الموانع, وأما الثاني وهو البائع فإنه يحتاج إلى إثبات تملكه للعقار بالصك ولوازمه من سريان السجل وغيره, فالمُنظِّم حَصَر هذا النوع من النزاع بضرورة التقيد في الإثبات بالصك لإثبات التملك. فهل فهمت الفرق يا قارئنا العزيز؟ وصلوا على النبي المختار الدكتور: تركي بن عبدالله الطيار المستشار القانوني والقاضي بوزارة العدل سابقاً