حين تريد هدم أمة من الأمم، فإن الأمر يبدو سهلاً ميسراً، ضع في مواقع التأثير فيها، ومواطن القوة ومكامن المنعة، كل ذي همة متدنية، وطموح هزيل، من تمتلئ نفوسهم باليأس والقنوط، ويسهل استسلامهم لعوامل الهزيمة النفسية. إنك إن فعلت أصبت أمتهم ب مقتل، وقل أن تنجو أمة يفعل بها أعداؤها مثل ذلك. عندما تسلم شارل ديغول رئاسة الجمهورية الخامسة في فرنسا كانت الشبهات تحوم حول أحد كبار الموظفين في قصر الرئاسة بأنه يعمل لمصلحة دولة كبرى معادية. وقد عجزت كل الأجهزة المختصة عن الوصول إلى دليل مادي واحد يدينه. وفى النهاية رفع الأمر إلى الرئيس ديغول، فقام باستدعاء الموظف المشتبه به إلى مكتبه، واستثمر ديغول عنصر المفاجأة وهيبة الرئاسة، ففاجأه بسؤاله: منذ متى وأنت تعمل لصالح الدولة كذا؟ فأجابه الموظف لفوره: منذ سنوات يا سيدي الرئيس، ثم دار بينهما حوار سريع: – الرئيس: كيف تتلقى التعليمات؟ – الجاسوس: لا أتلقى أي تعليمات. – الرئيس: كيف ترسل تقاريرك؟ – الجاسوس: لا أرسل أية تقارير. – الرئيس (مندهشاً): كيف يتصلون بك إذن؟!! – الجاسوس: لا يوجد أي اتصال. – الرئيس (مندهشاً): كيف تعمل إذن لصالح الدولة المعادية؟ – الجاسوس: إن مهمتي تنحصر من خلال موقعي بأن أختار دائماً أقل الموجودين طموحاً، وأدناهم همَّةً، وأسوأهم من حيث الكفاءة والاختصاص لعضوية اللجان الحساسة والمهمة. لتصبح توصيات هذه اللجان تفتقد الطموح والهمَّة العالية. من أجل هذا كله لا بد أن نبحث في أبنائنا والشباب من حولنا عن أصحاب الطموح الكبير، والهمم العالية، ونعتني بهم أيما عناية، ففي مثل هؤلاء يكمن الأمل في مستقبل الأمة، ويسطع اليقين في عزتها وكرامتها. تحتاج الأمم جميعها إلى أصحاب الهمم والطموح، فهم صناع الحياة وقيادات المستقبل في أي أمة من الأمم في القديم والحديث. وحتى في موازين الله تعالى في الدنيا والآخرة، فضَّل الله أصحاب الهمم العالية والطموح والمثابرة على غيرهم، وإن كانوا مسلمين من أصحاب الحسنى. إذا كنا طموحين أصحاب همم عالية فلا بد لنا من استثمار أفضل ما لدينا من إمكانات، فلدى الإنسان طاقات هائلة لم يكتشفها بعد ولم يستغلها. إن المبدعين على مر التاريخ لم يستخدموا سوى 10% من قدراتهم الذهنية!! أنت كما تظن بنفسك؛ لذا حدث نفسك حديثاً تنشيطياً عدة مرات في اليوم، وكن على يقين أن الإنسان عادة يستطيع أن يفعل أكثر مما يقوم به فعلاً؛ لأنه يميل دائماً أن يبذل مجهوداً أقل مما يتوفر لديه؛ لذا عليك بتحفيز وتشجيع وتنشيط نفسك يومياً. وفاء بنت ناصر العجمي أكاديمية ومستشارة أسرية وتربوية