أوصى سماحةُ مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المسلمين بتقوى الله تعالى وطاعته ومراقبته في السر والنجوى وذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم. وقال المفتي في الخطبة التي ألقاها بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: عبادَ الله، إن من المقاصد العظيمة أن ينال المسلمُ مرتبةَ الفلاح في الدنيا والآخرة، وهذا الفلاح لا يحصل إلا بالإيمان والعمل الصالح، يقول تعالى: "فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ" ولما ذكر الله تعالى في سورة البقرة صفات المتقين وأنهم الذين يمتثلون بما في القرآن قال "وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" بعد أن ذكر أعمالهم الصالحة من الإيمان بالغيب والإيمان بما أنزل الله على أنبيائه وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة قال تعالى " أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ". وأوضح سماحة مفتي عام المملكة، أن الفلاح لا ينال بالتمني، يقول صلى الله عليه وسلم: ليس الإيمان بالتحري ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمالُ. فللحصول على الفلاح أسباب، ومن أسباب الحصول على الفلاح توحيد الله جل وعلا بكلمة لا إله إلا الله، فهي أصل الإسلام كان صلى الله عليه وسلم يقول "يأيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، ومن أسباب ذلك تقوى الله قال جل وعلا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً * وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، ومن أسباب الفلاح صلاح القلب تزكية النفوس من أخلاق الرذيلة، قال جل وعلا "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسم رَبِّهِ فَصَلَّى"، وقال جل وعلا "قْد أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا". وأضاف سماحته أسباب أن الفلاح صلاة الجماعة مع المسلمين في المساجد، والتوبة إلى الله مع الأعمال الصالحة قال تعالى "وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون"، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شعائر الدين، يقول تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" ويقول تعالى " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة وصمام أمان الأمة يحفظها من المكائد. وأردف سماحة مفتي عام المملكة، أن من أسباب الفلاح أيضاً الجهاد في سبيل الله، قال جل وعلا " لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "، ومن أسباب نيل الفلاح الشكر لله على نعمه، يقول تعالى "فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون"، وتحكيم شريعة الله قال جل وعلا " إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "، ومحبة المؤمنين ومولاتهم محبة لله وفي الله، قال جل وعلا "لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أبناءهم أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ الله أَلا إِنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، ومن أسباب الفلاح الإنفاق في سبيل الله، يقول تعالى " وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " والقناعة بما كتب الله لك والرضى بأمره، يقول صلى الله عليه وسلم "قد أفلح من أسلم ورُزق كفافاً وقنّعه الله بما آتاه"، ومن أسباب نيل الفلاح الإعراض عن المحارم، قال جل وعلا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "، فطاعة الله عز وجل وترك معاصيه من أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة. واختتم سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بالخصال السيئة التي تمنع الفلاح وتحول بين المرء وبين الفلاح وهو الظلم، قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) فالشرك بالله من أعظم الذنوب ومن موانع الفلاح في الدنيا والآخرة ومن أشدها ظلم الناس في أنفسهم وأموالهم، قال يوسف عليه السلام " مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ "، ومن أسباب ذلك المعاصي بمختلف أنواعها فإنها تمنع الفلاح في الدنيا والآخرة، والكذب على الله قال تعالى " وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ".