يشكل سوق الخميس الشعبي بصيادة بني مالك في محافظة الطائف ملتقىً شعبياً وإرثًا حضاريًّا اكتسب أهميته على مر السنين كونه يقع بالقرب من ميسان بالحارث، وثقيف، ويشهد إقبالا كثيفاً من زواره ومرتاديه كل أسبوع، لما يقدمه من خدمة للعديد من المناطق المجاورة بسبب موقعه الجغرافي إذ يقع على بعد 140 كلم جنوب محافظة الطائف، وذلك على الطريق السياحي الذي يربط منطقة مكةالمكرمة – الطائف بمنطقة الباحة. مساعد عبدالرحمن الثقفي أحد مرتادي السوق المهتم بتاريخه، الذي قدم سرداً تاريخياً لنشأة السوق قبل أكثر من 40 عاما، يقول: "يعد هذا السوق من الأسواق الشعبية الرائدة التي تجمع بين العراقة والبساطة وعبق الماضي محتفظاً بالموروث الشعبي والتراثي القديم، وهو ما أسهم في محافظته على شعبيته". وأوضح الثقفي أن السوق يفتح أبوابه في ساعات الصباح الباكر، حيث ينتشر جميع الباعة وأصحاب البسطات على الوعد بعرض كامل أنواع بضائعهم، ويحضر زبائنهم شبه الدائمين مبكراً لأنهم قد ورثوا هذه الصفة كباعة ومستهليكن من الأجداد، وتخف حركة السوق قبيل أذان الظهر بقليل. وأبان أن ما تبقى من معروضات وبضائع يحمل على السيارات للمغادرة، حيث يكون الكثير منها على موعد جديد وسوق آخر في محافظة أو مراكز أخرى. وأفاد أن هناك تنوعا فيما يعرض فيه، حيث تختلف السلع فيه نوعيةً وجودة، سواء أكانت غذائية أو استهلاكية أو غيرها وفي مقدمتها العسل والسمن واللوز خاصة وأن بلاد بني مالك وثقيف تشتهران بالعسل الطبيعي لوقوعهما على قمة جبال السراة الغنية بالغابات الخضراء بشكل أسهم في تنوع العسل بحسب نوعية الأشجار، ويأتي عسل السدر في طليعتها وهو الأفضل، ثم السمر، والطلح، والسلم، والمر، والزهور وهناك من يفضل العسل الصيفي. وفي مكان آخر من سوق الخميس أوضح أحد المتسوقين وزائري السوق عطية المالكي أن المنطقة اشتهرت بعرض عدد من المحاصيل الزراعية التي تضمنها سوق الخميس منها الرمان، والبرشومي "التين الشوكي"، والحماط، واللوز. وفي منطقة وسط السوق التقت قال بالمزارع مسفر الثقفي الذي قدم شرحاً لما يبذله المزارعون من جهود كبيرة في العناية باللوز منذ عدة شهور لاسيما وهو يحتاج إلى متابعة دقيقة. وأبان أن أشجار اللوز تعيش في الأجواء الباردة، والمناطق المرتفعة، ويمكن معرفة جودة اللوز بكبر حجمه وعدم تأثره حتى لو بقي مدة طويلة، وهذا يجعل منه مطلباً في سوق الخميس، إلى جانب الأنواع المختلفة من الحبوب التي تزرع بالصيف مثل "الحنطة والشعير والعدس" وفي المقابل حبوب تزرع بالشتاء وهي "الذرة الصفراء والدجر والمجدول والسيال". واستطرد الثقفي: "ويستقطب السوق بائعي الخضروات والفواكه التي تم زراعتها بمنطقة بني مالك وبالحارث وثقيف، وبائعي الطيور والمواشي ومن أشهرها الأغنام البلدي "الحري" الحجل، والقهد، والحمام، والأرانب، والوبر. ويقول أحد بائعي الصحون الخشبية أحمد المالكي أنه بدأ امتهان هذه المهنة قبل قرابة 25 عاما ويقوم بصناعة هذه الصحون من أشجار الجميز والغرب وبيعها بالأسواق الشعبية لكثرة المتسوقين والمهتمين بتلك المبيعات الشعبية. وتعود الذكريات بالعم محمد الحارثي إلى أنه كان يأتي للسوق من أجل الالتقاء بالأصدقاء ومعرفة الأخبار بين القبائل، من أفراح وأتراح ومواليد ومناسبات اجتماعية فيما بينهم لانعدام وسائل التواصل المعروفة حالياً، بالإضافة للتسوق، ويضيف بأن هناك تباينا في أسعار السلع المعروضة، بالإضافة إلى الأنواع المختلفة من الملبوسات والأحذية عما كان عليه في السابق. وفي ذات السياق تعمل بلدية القريع بني مالك حالياً على تطوير السوق، بهدف إعادة تأهيله وتطويره وتحسينه وتركيب مظلات للوقاية من الشمس، كما عملت على إقامة السوق في يومي الخميس والسبت، ليتسنى لعدد أكبر من زواره ومرتاديه التبضع وبيع منتجاتهم.