على الرغم من الطفرات العقارية المتوالية والتي عصفت بعموم أنحاء المملكة وبمكة خاصة، لا يزال الدكان المكاوي الصغير يقاوم التغيير فالمساحة هي نفسها والمواقف هي نفسها، وكذلك البائع والمشتري والبضاعة. وعلى الرغم من التطور العقاري المذهل فإن المستثمر لا يزال يصر على بناء الدكاكين الصغيرة التي لا تتواكب مع متطلبات العصر، فالمساحة هي نفسها من 3 في 4 إلى 5 في 4 أو تزيد قليلاً، وعندما تناقش العاملين في المجال العقاري يأتيك الرد بأن مكة لها خصوصيتها، ونرد عليهم إذاً لماذا القطارات والتوسعات والمشاريع والمباني الشاهقة التي لم تكن معروفة من قبل؟. ولو تتبعت أصل المشكلة لوجدتها أتت من خلفيات المهندس الذي صمم المبنى، فإما أنه من مصر أو من الهند حيث يشيع لديهم مثل هذه الدكاكين، وأذكر أني سألت أحد المستثمرين في العقار عن بيع الشقق والدكاكين، حيث أفادني بأن سعر متر الشقة يبدأ من 5 آلاف ريال والدكان من 10 آلاف ريال، وهذا يعني أن سعر متر الدكان يعادل الضعف، إضافة إلى أنه لا يحتاج إلى تشطيب، ولكنها عقلية "إن وجدنا آباءنا على أمة". في مكة تستطيع أن تعرف أماكن البقالات والمخابز من خلال الزحام الشديد الناتج عن عشوائية الوقوف، حيث تستطيع أن تميز وبسهولة من خلال طريقة الوقوف نوع البضاعة التي يرغب بها الزبون، فعلى سبيل المثال يقف زبون السجائر بشكل مائل قليلاً، بينما من يبحث عن الخضار واللحوم يبتعد قليلاً، في حين يقف مشترى الحلوى بشكل أكثر أناقة، بينما التميس والفول يترك سيارته تعمل والشبابيك مفتوحة. دكاكين مكة في زمن المترو والتوسعات الهائلة تحتاج إلى مراجعة وتنظيم وصدقوني لن تفلس، والإفلاس الحقيقي في بقائها بهذا الشكل دون مراعاة لضيق شوارعها وأزقتها وكثافة زائريها حفظها الله وحفظ من فيها.