"لا تنس يابو سعد .. حنا في شهر رمضان .. شهر الزكاة والصدقات .." هكذا بادرت أم سعد تُذكّر زوجها … "ما نسيت …لكن ابحسب اللي علي من زكاة ، والصدقة بعدين .. والفرض قبل السنة !.." انعزل أبو سعد في غرفة النوم بعد التراويح وأحضر ورقةً وقلماً ودفتر الشيكات، وسجل الحساب في البنك وبدأ في التسجيل … "راتبي 4 آلاف ريال .. مو معقول يكون علي زكاة .. لا .. لا .. أكيد عندي مدخرات …" يراجع كشف الحساب فيكتشف وجود 20 ألف ريال.. "هل دار عليها الحول ؟! كم كان عندي رمضان الماضي .. والله ما أتذكر .. نقول عشرة آلاف ريال!.. هذا يعني علي زكاة ، لكن قبل 3 أشهر كنت مفلساً .. يعني ما كان عندي النصاب .. المفروض نحسب من قبل 3 أشهر .. وكذا الزكاة مستحقه بعد 9 أشهر مو في هذا الشهر .. لكن أنا عندي الآن أكثر من النصاب.. ايش أسوي ؟؟ أتصل بالشيخ أحسن !.. "ألو الشيخ عبد العزيز .. كيف حالك.. إن شاء الله مرتاح.. عسى ما تعبت من الصيام .. خصوصاً السنة هذه في الصيف .." ! "يا ولدي .. هاتِ سؤالك .. لا تعطلني .. الوقت ضيق .." وبدأ أبو سعد يشرح للشيخ الوضع بطريقة معقدة وختم قائلاً: " تعرف باقي علينا مقاضي العيد ومصروفاته ايش تقول علي زكاة ؟!!.." رد الشيخ بعدما ضاع من شرح أبو سعد بسخرية: "يظهر ما عليك لا زكاة ولا حتى صلاة !!" طبعا فهم أبو سعد الرد واستحى من إعادة الشرح للشيخ واكتفى بالاعتذار. "من باب الاحتياط اعتمد زكاة من هذا المبلغ الموجود الآن.. 2,5% يعني ربع العشر.. العشر من 20 ألف ألفين ربعها 500 ريال .. لا .. لا هذا كثير أكيد أنا غلطان .." حاول يحسب مرة ثانية ووصل لنفس النتيجة !.. "طيب نعتمد على النصاب لأني بديت العام بعشرة آلاف" وأعاد الحساب مرة ثانية فوجد أن عليه 250 ريالاً .. قال أبو سعد في نفسه: "هذه معقولة .. ونزيد عليها خمسين ريالاً صدقة نكون وفينا اللي علينا زكينا وتصدقنا .. الله يتقبل منا "…!! "أم سعد .. أبشرك انتهيت من حساب الزكاة .. تعرفين أحد نعطيه ..؟!" "ها إن شاء الله المبلغ مو كبير .. ترى لا تنس علينا مصروفات العيد .. ورمضان الله يشرفه باقي النصف..!!" "شوفي من طرفك فقيرة من أهل الحارة تعطينها المبلغ !!" اتصلت أم سعد ببعض الجارات قائلة: "عندنا زكاة وصدقات نبحث عن أسرة مستورة من الحارة مستحقة .. تعرفون أحداً ؟!" أجابتها إحدى الجارات: "أعرف عائلة عندهم ستة أطفال وأمه عايشه معاهم وراتب الأب ما يكفيهم … خمسة آلاف ريال فقط .. أنا أوصل لهم المبلغ بسرِّية"! "إيش تقولين .. خمسة آلاف ويستحق الزكاة .. أجل ايش نقول حنا؟ راتب أبونا أقل .. أكيد الصدقة تحل عليه .." ذهلت المرأة من الإجابة ولكنها لاذت بالصمت فأم سعد أغلقت سماعة الهاتف. "أبو سعد .. احنا أحق في الزكاة من الجيران وزعها علي وعلى عيالك يتوسعون في هذا الشهر الفضيل؟!!". أخرج أبو سعد الثلاثمائة ريال وسلمها لزوجته فرحاً مسروراً فهي ستخفف عليه من المصاريف !.. "ايش هذا !! ثلاثمائة ريال .. عيب عليك .. أنا احسب آلاف ؟؟ وتفضحني عند الجيران علشانها .. روح عند المسجد واعطها فقيراً يسأل …"