قرأت في صحيفة الرياض الصادرة يوم الاثنين 18 رمضان مقابلة مع الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني حول إقامة مدينة (السلام عليك يا رسول الله) بين مكةوجدة على مساحة مليون متر مربع، المشروع يحتوي على 1500 قطعة تحكي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة وبطريقة حديثة، وأن المشروع بعد تدشينه ستفتح أبوابه للزائرين 24 ساعة ويستوعب 500 زائر في الساعة إلى آخر ما جاء من وصف المشروع وأنه يحتوي على محاكاة لحلي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والجبة والصاع والمد وأنواع الأثاث والسلاح والمكاييل والعملات وأنواع الطعام والشراب – إلخ. وهذا العمل لا يجوز لعدة محاذير منها: أن هذا خلاف ما أمرنا به من العمل بسنته لأنه يشغل عن ذلك فهو استبدال الغير المشروع بالمشروع لأنه لا يجمع العمل بالشيء مع العمل بضده. أن هذا خلاف ما نهينا عنه فهو إحياء للبدع وترك للسنن فهو عمل محدث وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وقال عليه الصلاة والسلام: "وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". أن هذا الشيء لم يفعله الصحابة والتابعون ومن أتبعهم بإحسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي". أن هذه الأشكال التي تقام في هذا المعرض ليست هي الأدوات التي كان يستخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هي أشكال صنعت حديثا ففي هذا تمويه على الناس. وكون بعض الصحابة يتبركون بأواني الرسول وملابسه التي لامست جسمه الشرف إنما هو بأعيان تلك الأواني والملابس لا بما يشبهها بالشكل لأنه يفقد المعنى وهو ملامسة جسم النبي صلى الله عليه وسلم. أن إيجاد هذه الأشياء فيه وسيلة إلى الشرك لأن الجهال من الناس سيتعلقون بها لكونها نسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان وسيلة إلى الشرك فهو محرم على قاعدة سد الذرائع. أن هذا سيصرف العوام عن التوجه إلى مكة والمشاعر أو يقلل من أهميتها عندهم لأن كثيرا من النفوس يميل إلى البدعة ويتعلق بها ويترك السنة وما كان صارفا عن السنة فهو محرم. إن هذه البلاد – بلاد الحرمين – هي بلاد التوحيد يجب أن تطهر من الشرك ووسائله قال الله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، وقال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ). ولس هناك مبررات لهذا العمل تقابل المحاذير المترتبة عليه، وقول إن هذا العمل فيه توضيح للمسميات الواردة في السنة نقول عنه إن توضيح هذه المسميات يؤخذ من شروح الأحاديث ومفردات اللغة العربية فلا حاجة إلى وضع مجسمات يزعم أنها توضحها مع ما يترتب على ذلك من المحاذير المذكورة وما هو أعظم منها – وعلى كل حال يسعنا ما وسع السلف الصالح. اقتطاع الأراضي الواسعة لإقامة هذا المشروع وإنفاق الأموال الطائلة لتمويله جهد ضائع فلو وزعت هذه الأراضي مساكن للفقراء وأنفقت هذه الأموال في تعميرها لهم لكان ذلك سدا لحاجة المحتاجين ووضع للمال في موضعه الصحيح. فالمؤمل في ولاة أمورنا وفقهم الله وقف هذا المشروع لما فيه من المحاذير حماية للعقيدة من الشرك ووسائله كما عهدناه منها، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.