إنها امرأة عاشت في الجاهلية كُنيتها "أم جميل" وهي أُمُّ القبائح، واسمها أروى بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان -رضي الله عنه- نذرت نفسَها وزوجها وبيتها لحرب الإسلام وأتباعه، حتى أن القرآن العظيم لما وصفها وصفها بأقبح الصفات وهي أنها المرأة ذات الحسب والنسب والمال والجاه من شدة حقدها على الإسلام ونبيه، كانت بنفسها تقوم بعمل العبيد والخدم وهو حَمْل الحطب لتضعه بنفسها في طريق الحبيب صلى الله عليه وسلم لتؤذيه، وهي تعلم يقينًا أنه الصادق الأمين الذي تربَّى في نفس البيت الذي تربى فيه زوجها أبو لهب فهو عمه، ولم تكن هذه المرأةُ الحاقدة زوجةَ عمِّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقط، بل هي جارةٌ له وبينهما رحِم وصهر حيث تزوج ابناها من رقية وأم كلثوم ابنتي النبي صلى الله عليه وسلم؛ فبيتها مُلاصِق لبيت خديجة بنت خويلد زوج النبِيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فنجد قد اجتمعت لها قرابة ومجاورة ومصاهرة فلم ترعَ لذلك ذمة. وكانت ماكرة خبيثة غيَّرت سلوكَ العم الفطري نحو ابن أخيه، فأوغرت صدره حتى ناصبه العداء جهاراً نهاراً، وأوغرت صدر ابنيها -زوجي بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم- حتى قاما بتطليقهما، وكانت تنادي مَن خُلقه القرآن -صلى الله عليه وسلم- بالمذمم بدلاً من محمد، وكانت بوقًا إعلاميًّا لنشر المساوئ الكاذبة عن الإسلام وأهله والتنفير منه، وجعلت من زوجها بوقًا يردد ما تقول فكان يلاحق الحبيب صلى الله عليه وسلم في الأسواق العامة ليصرف الناسَ عن الاستماع لقوله. طرحت سؤالي لأقول: كم في العالم ممن يتيقنون من عدالة الإسلام وصدقه وثبوته دينًا ونبيًّا وكتابًا وسُنًّةً وأتباعًا ثم يتبارون لحربه؟! وهنا أخص جنسَ النساء التابعات للرجال، وهن في تغييب لعقولهن، فهن يزعمن البحث عن الحرية والانفكاك التام من الرجل، فإذا هن قطيع إماء يسوقوهن رجال ذكور كما يُطلق عليهم؛ لينفذوا أجندة أعدوها مسبقاً ويحاسبونهن على تنفيذها حسابًا عسيرًا. زوجة أبي لهب تعود من جديد في ثياب متكررة ومعها بدلاً من أبي لهب واحدٍ، قافلة من طينته يحملون همّ هدم الإسلام. وزوجة أبي لهب ومعها الكثيرات مثلها يتفانين في حمل الشبهات والفتن حول الأسرة والمجتمع وحول القرآن والسنة والأحكام الشرعية وحول عدالة الصحابة ورواة الأحاديث وعدالة الإسلام في أحكامه وتنادت زوجة أبي لهب المعاصرة لتهدم كل مقومات القداسة عن الوحي في كل صقع ومنتدى ومؤتمر وندوة وورشة إما مباشرة أو تحت ستار التأويل والفلسفة والمجاز. وإذا كانت زوجة أبي لهب تتكلف حَمْل الحطب ونقل الشائعات في شوارع مكة وزوجها يقوم بالسعي في الأسواق، فإن زوجة أبي لهب المعاصرة تحمل حطب التشكيك والهدم للثوابت العقدية والشرعية وتسعى بنفسها في كل محفل، وعبر كل نافذة إعلامية وتعليمية لنشر الأكاذيب حول الإسلام والمسلمين وتجعل من قضايا متناثرة نابعة من فطرة بشرية ناقصة عنوانًا بارزًا لجميع الإسلام وسائر المؤمنين به، فتجعل أخطاء فردية هي سمة الإسلام وأتباعه، وبدلاً من السعي لنشر الإسلام الحقيقي بين الجهَّال به من أتباعه وغير المؤمنين به، وهو جَهْل تعلم أنه ناشئ من موجات الاحتلال المتعاقبة على العالم الإسلامي وإضعافه، نجدها بدلاً من ذلك تجعل هذه الأخطاء فرصة سانحة لهجوم كاسح على جميع الأصعدة الإعلامية والتعليمية والشعبية. تجتمع زوجات أبي لهب في تعدد أديان متناقض من أديان بهائية ونصرانية ويهودية وإسلام وغيرها لحرب الإسلام وأهله، فها هي امرأة أبي لهب المعاصرة تنادي بالمساواة المطلقة مع الرجل لتكون له نِدًّا يجب التصدي له وليس شريكًا يمثله الأب والزوج والابن والقريب وهي قضايا حَسمها الإسلام فتطالب بتغييرها بقوة التشريعات الدولية القاهِرة القاصمة للفطرة والمجتمعات والدول. وصارت زوجة أبي لهب مناديةً بالقيادة التامة في كل شيء ودفنت قيادة أسرتها وفطرتها، فطوقت جِيدها بحبال مِن مَسَد عبودية متعددة الأوصاف، صارت في سوق عبيد الشهوات، فهي تستبيح حياتها الجنسية لتكون مجاناً لرجل أو امرأة أو حيوان، وصارت تؤجر رحمها لتبيع ثمرته التي سمعت صوت بكائه يمزق قلبها فلم تحتضنه كأم بل كعاملة مؤقتة، وصارت في سوق عبيد العمل لتعمل بدعوى المساواة في كل شيء؛ لتعود وحيدة إلى حجرة تغلق بابها وهي خائفة من طَرَقات قد يكون خلفها قاتل يفتك بها. وصارت زوجة أبي لهب الجامعة للمال تُنفقه على حُرية مزعومة ورحلات مرهقة لتحارب الإسلام وأهله ولتحارب حياتها الحقيقية. إن زوجة أبي لهب لم تمت، هي تعيش الآن أكثر من أي وقت مضى، فحطب حرب الإسلام تحمله معها في كل مكان وقد أثقل قلبها وحياتها ولكن نشوة الانتصار التي يسقيها بها من حولها تجعلها تتغافل عن آلام حمل هذا الحطب. فتبت يدا أبي لهب وزوجته في كل مكان وزمان.