كلما زاد عدد مرات تناولك للأطعمة المقلية ارتفعت احتمالات إصابتك بضعف القلب.. هذه هي محصلة نتائج إحدى الدراسات الطبية الواسعة التي صدرت أخيراً عن الباحثين الطبيين من كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية. وعلق عليها الدكتور لوك دجيوس، طبيب الباطنية بكلية طب جامعة هارفارد، والباحث الرئيسي في الدراسة بقوله: "هذه الدراسة تفيد أن من الحكمة تقليل وتيرة وكمية تناول الأطعمة المقلية Fried Food خلال الأسبوع؛ بغية منع الإصابة بضعف القلب وغيره من الأمراض المزمنة". ومعلوم أن حالة ضعف القلب، أو فشل (عجز) القلب Heart Failure، هي حالة يصل القلب فيها إلى عدم القدرة على ضخ الكميات الكافية من الدم إلى أجزاء وأعضاء الجسم المختلفة؛ ومن ثم تبدأ أعراض ذلك على الجسم بهيئة سهولة الشعور بالتعب حال بذل المجهود البدني وصعوبات في التنفس واللهاث السريع، مع بذل المجهود البدني، وفقاً لما نشرته "الشرق الأوسط". ووفق الإحصائيات الأمريكية الصادرة عن رابطة القلب الأمريكية، فإن ضعف القلب هو السبب الأكثر شيوعاً من بين أسباب دخول المرضى، ممن هم فوق سن 65 سنة، إلى المستشفيات سنوياً بالولايات المتحدة. ولاحظ الباحثون في نتائج دراستهم أن الرجال الذين يتناولون أطعمة مقلية مرة أو 3 مرات في الأسبوع، ترتفع لديهم احتمالات خطورة الإصابة بحالة فشل القلب بنسبة 18 في المائة. ولو ارتفعت وتيرة تناولهم لتلك الأطعمة ما بين 4 إلى 6 مرات في الأسبوع، فإن الخطورة ترتفع إلى نسبة 25 في المائة. ولو ارتفعت وتيرة تناولهم لتلك الأطعمة المقلية إلى ما فوق 7 مرات في الأسبوع، فإن الخطورة ترتفع بشكل حاد لتصل أكثر من 70 في المائة! وأضاف الدكتور دجيوس قائلاً: «لذا أبعد عنك أصابع البطاطا المقلية (فرنش فرايز)، والدونات، والأسماك المقلية المقرمشة، وقطع الدجاج المقلي، وغيرها من الأطعمة المقلية في الدهون. وقرب منك الأطعمة الصحية المكونة من: كميات عالية للخضراوات، والفواكه، والبقول، والقمح غير المقشر، أي الخبز الأسمر، والقليلة المحتوى بالدهون المشبعة، واللحوم الحمراء، والملح، والأطعمة المقلية». وفي دراستهم الحديثة، قام الباحثون بتجميع البيانات والمعلومات المتعلقة بأكثر من 15 ألف رجل من الأطباء المشمولين بالأصل، ضمن دراسة واسعة تُسمى «دراسة صحة الأطباء» Physicians› Health Study. وخلال متابعتهم بالمتوسط لمدة عشر سنوات أصيب نحو 5 في المائة منهم بضعف القلب. وعند تحليل نوعية الأطعمة التي ذكروا أنهم تناولوها خلال مراحل متعاقبة، توصل الباحثون إلى تلك العلاقة الوثيقة والطردية بين ارتفاع عدد مرات تناول الأطعمة المقلية أسبوعياً، وارتفاع احتمالات خطورة الإصابة بحالة ضعف القلب. وأفاد البروفسور غريك فونارو، أستاذ طب القلب في جامعة كاليفورنيا، بقوله: «إن نتائج هذه الدراسة للباحثين من جامعة هارفارد تتوافق مع نتائج دراسات طبية سابقة، لاحظت العلاقة الوثيقة بين زيادة تناول الأطعمة المقلية، وزيادة احتمالات الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، والسمنة، وارتفاع ضغط الدم، وهي كلها عوامل خطورة Risk Factors ترفع من احتمالات الإصابة بأمراض القلب، وهذه الدراسات تفيدنا أن نوعية سلوكيات نمط الحياة، وخصوصاً في جانب التغذية مرتبطة بالإصابة لاحقاً بضعف القلب، وضعف القلب حالة مرضية شائعة ومكلفة مادياً لمعالجتها ومهلكة لسلامة الحياة». وكان عرض نتائج هذه ضمن جدول فعاليات يوم 3 مارس (آذار) من لقاء رابطة القلب الأمريكية في بالتيمور، ورعت الدراسة المؤسسة القومية الأمريكية للقلب والرئة والدم U.S. National Heart، Lung، and Blood Institute. "القلي" هو إحدى وسائل الطهي المعتمدة على استخدام السمن، أو الزيت، أو أي دهون أخرى، من مصادر حيوانية أو نباتية؛ لطبخ الأطعمة بأنواعها سواء كانت لحوماً أو بيضاً أو مشتقات ألبان، أو خضراوات، أو فواكه، أو معجنات وغيرها. وتفيد المصادر التاريخية أن "القلي" كان معروفاً لدى الفراعنة قبل 5 آلاف عام ولدى الحضارات في الصين والهند قديماً. ويعتبر "القلي" لدى البشر اليوم الوسيلة الأعلى انتشاراً لطهي الأطعمة، إذ تغلب "القلي" على الطبخ بالغلي في الماء، وعلى الشواء، وعلى الخبز في الفرن. والمادة المستخدمة للطهي في عملية "القلي" هي الدهون، على هيئة زيت أو سمن، ومعلوم أن الفرق الرئيسي بين السمن والزيت هي نقطة درجة حرارة الذوبانmelting point. والفكرة في "القلي" بالأصل هي أن الزيت يصل إلى درجات حرارة عالية، مقارنة مع درجة الحرارة التي يصل إليها الماء المغلي، ذلك أن الماء المغلي لا تصل حرارته أعلى من 100 درجة مئوية، وبالتالي يتطلب طهي اللحوم فيه إلى وقت طويل نسبياً، مقارنة مع طهي نفس اللحوم بالقلي في الزيت المغلي الذي قد تصل فيه درجات الحرارة إلى نحو 400 درجة مئوية؛ وبالتالي فإنه من خلال "القلي" تتكون تفاعلات الكراميل بين السكريات، وتفاعلات أخرى بين البروتينات والشحوم، وهو ما يُعطي قواماً هشاً ومقرمشاً يفضله الكثيرون عند تناول كثير من الأطعمة. كما أن من خلال "القلي"، تتغلغل بنسب متفاوتة تلك الزيوت إلى داخل قطع الطعام المقلي؛ مما يعطيها نكهة وطعماً مختلفاً، وغنى في الليونة وغيرها من المواصفات المحببة لدى البعض.