أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. علي بن عبدالرحمن الحذيفي – في خطبة الجمعة – بالنظر إلى ما أنعم الله به من النعم التي لا يقدِر غيره سبحانه وتعالى أن يحصيها ، ودوام شكر المنعم جل وعلا ، فلو سلبت أقل نعمة لم يقدر أحد غيره تعالى أن يردها، مشددا على أن نعم الله ليس فيها قليل. وقال: أوصيكم بتقوى الله سبحانه وتعالى بطلب مرضاته، وباتقاء غضبه وعقوباته، قال الله -سبحانه-: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ، فالربُّ -جل وعلا- خلَق الخلقَ بقدرته، وعِلْمه وحكمته ورحمته، وأوجَد هذا الكونَ المشاهَدَ، وجعَل له أجلًا ينتهي إليه لا يَعْدُوهُ، وخلَق في هذا العالَم المشاهَد الأسبابَ وخلَق ما يكون بالأسباب، وهو الخالق للأسباب ومسبِّباتها، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال الله -تعالى-: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ، والإنسان مخلوق من مخلوقات الله عجيب، جمَع اللهُ به من عجائب الصفات ما تفرَّق في غيره . وأكد خطيب الحرم أن التكريم من الله -تعالى- لبني آدم تكريم عامٌّ للبَرِّ والفاجِرِ، لهذه الدنيا بالنعم، والتكريم الخاص في الآخرة برضوان الله وجنات النعيم، للمؤمنين وليس للكافر نصيب في الآخرة، (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ، بل لا يكرِّم اللهُ في الآخرة إلا مَنْ أطاعَه من الإنس والجن. وقال : من عظائمِ نعمِ اللهِ على بني آدم ما سخَّرَه لهم من المنافع والمصالح والآلاء، قال الله -سبحانه-: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً . وأضاف : مما بيَّن الله سبحانه وتعالى لنا أن أعمال الإنسان تصلُح بها الحياةُ إذا كانت أعمالُه صالحةُ، ويدخل الفسادُ في الحياة إذا كانت أعمالُ ابنِ آدمَ فاسدةً، وأن أعمال الإنسان يسري صلاحُها أو فسادُها حتى في الحيوان والنبات والثمار؛ رحمةً من الله وعدلًا؛ ليلزم الإنسانُ الطاعاتِ، ويهجُر المحرماتِ. وقال : أنتَ -أيها الإنسانُ- باستقامتِكَ وإصلاحِكَ وَبَذْلِكَ الخيرِ وكفِّكَ عن الشر تكون مُعِينًا على الحفاظ على مجتمعك، ومُنقِذًا لنفسك من الشرور والعقوبات، واعلم بأنكَ مسئول عن أعمالك في حياتك وبعد مماتك، فانظر ماذا تقول لربك ، واعلم -أيها الإنسانُ- أن داركَ الباقيةَ الدائمةَ هي التي أمامَكَ بعد الموت، فطوبى لكَ إن عمَّرْتَها بالصالحات، وويل لكَ إن رضيتَ بدنياكَ ونسيتَ أُخراك، فدنياكَ مُدبِرَةٌ عنكَ، إن أحببتَ أو كرهتَ، والآخرةُ مُقبِلَةٌ عليكَ على ما قدمت.