تأتي زيارة سمو ولي العهد محمد بن سلمان – حفظه الله – بالقارة الآسيوية، لتثبت للعالم أن سموَّه يملك ناصية الحوار السياسي الدولي، ويعرف مفاتيح المكاسب الاقتصادية الهائلة، ويسير بالبلاد بخطى واثقة نحو تحقيق رؤية المملكة 2030، التي تعكس طموح قيادات المملكة لرفعة شأن الوطن، من خلال مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر. ولا تَخفى على المتابعين للشأن السياسي التَّبِعاتُ المفيدة لهذه الجولة على الاقتصاد الآسيوي بصفة عامة، والاقتصاد السعودي على وجه الخصوص، فضلاً عن تمتين العلاقات السياسية مع باكستانوالهند، ومع العملاق الصيني الذي يعدُّ أهم سوق عالمية للنفط، وأكبر شريك تجاري للمملكة. فقد تلاقت رؤية المملكة 2030 مع رؤية الدول الثلاث للتنمية؛ إذ وقَّع وفد المملكة، برئاسة سمو ولي العهد، على اتفاقيات مع باكستان بقيمة 20 مليار دولار، كما أُرْسيت اتفاقات باستثمارات حجمها 100 مليار دولار مع الهند، بالإضافة لمذكرات تفاهم بخصوص عدة استثمارات في عدد من المجالات. وقد تلاقت رؤية المملكة مع رؤية التِّنِّين الصيني الاستراتيجية المتمثلة في مبادرة طريق الحرير الصينية، حيث وقعت الدولتان اتفاقيات تعاون اقتصادي بقيمة 28 مليار دولار في مجالات عدة؛ منها على سبيل المثال الطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، وتقنية المعلومات، والبنية التحتية، والنقل البحري؛ وهو ما يؤدي أيضاً لفتح فرص عمل جديدة في السوق الوظيفية. وتساعد جولةُ ولي العهد الدولَ الثلاث في تعزيز الاقتصاد لديها؛ إذ إن السعودية من أهم الدول المصدِّرة للنفط، والصين أهم مستهلك للنفط في آسيا، وهي شريك تجاري للمملكة؛ إذ ارتفع التبادل التجاري بين البلدين في العام الماضي بنسبة 32%. كما أن فرص العمل للأشقاء الهنود متوفرة لدى المملكة إلى حدٍّ كبير؛ إذ أكد سمو ولي العهد أن الهنود لهم دور في بناء المملكة على مدى 70 عاماً. كما أن مقدرات الاقتصاد السعودي بإمكانها المساهمة في نشاطات اقتصادية كبيرة لدى هذه الدول، فقد وقَّعت المملكة – على إثر هذه الزيارة – على 35 اتفاقية تعاون اقتصادي مشترك مع الصين وحدها، ومنحت 4 تراخيص لشركات صينية للاستثمار في السعودية. بالإضافة إلى اتفاقيات القرض الحكومي بين الصندوق السعودي للتنمية ووزارة المالية الصينية لتجهيز 3 مستشفيات، وإعادة تشييد المناطق المتأثِّرة بالزلازل في بعض المدن الصينية، كما اعتزمت شركة “أرامكو” السعودية توقيع اتفاقات للاستثمار في البترول مع شركة “نورينكو” الصينية العملاقة. وقد أثبتت هذه الزيارة عدمَ انحياز المملكة لما يُسمَّى بالمعسكريْن الشرقي والغربي؛ إذ أكد ولي العهد من خلالها على أحقيَّة الصين في حماية سيادتها وأمنها، وأكَّد رفضه التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية. وقد غطَّت وسائل الإعلام العالمية هذه الزيارة المباركة بما يُلجم أفواه الإعلاميين الذين سعوا – بمحاولات يائسة – للنَّيْل من شخص سُموه الكريم، لترتدَّ ادعاءاتهم الكاذبة كضربة موجعة للدول المعادية التي تقف وراءهم، التي تنظر لجولات سُمو ولي العهد السياسية بترقُّب وحذر شديدين. فقد نقلت وكالة “سي أن أن” الأمريكية على لسان ربيعة ياسمين، كبيرة المحللين في “يورومونيتور إنترناشونال”، أن زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى الصين، تعدُّ من الزيارات المهمة للغاية؛ إذ إن السعودية تضع الصين كجزء مهم من مشروع الرؤية السعودية 2030 التي يقودها ولي العهد، وهي خطة اقتصادية سعودية ضخمة. إن القيادة الحكيمة للمملكة، برعاية سمو ولي العهد، لن تتوانى في تحقيق رسالتها في رؤية 2030 الرائدة؛ من أجل رِفعة وطننا الغالي، ورفاهية مواطنيه. فارس الغنامي/ كاتب سعودي تويتر / farescom100 – m