الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومَن والاه كان فجرُ الجمعة 3 / 4 / 1436ه فجراً حزيناً على المملكة العربية السعودية بل على الأمة الإسلامية كلها، حيث فجعت بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وغفر له، وسبحان الحي الذي لا يموت، والملك الذي لا يزول مُلكه ولا يبْلَى، له ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد كنت وأنا أتابع تشييعَ الراحل أبو متعب -رحمه الله- إلى قبره عبر التلفاز؛ أشعر بمشاعر متداخلة متضاربة؛ مشاعر الحزن والألم الممزوجة برهبة القبر ومشهده المفزع، والملك المسجَّى على نعشه، وأبناؤه وأهله وشعبه وأحباؤه حوله، وهوَ وَهُم بلا حول ولا قوة، يسيرون إلى ذلك المثوى، ثم يُنزع عن الملك -رحمه الله- آخر ممتلكات الدنيا (عباءته) وينزل إلى قبره بكفنه وعمله فقط! هذه المشاعر الحزينة الواجمة الخائفة الفزعة امتزجت أيضاً بمشاعر الفرح، نعم الفرح والسرور والشكر والحمد والثناء لله -عز وجل- بأن أرى أكبر وأهم شخصية في بلادي تُدفن على السُّنة الشريفة والشرع المطهّر، بلا بِدع ولا مُنكرات، فلا تابوت ولا ضريح ولا تجصيص ولا بناء، فالحمد لله ثم الحمد لله. لقد رأيت في مراسم دفن الملك الراحل رسالةً قوية للعالم أجمع؛ مفادها أن هذه البلاد الغالية قد قامت دعائمها وقوتها وعزها على شرع الله وكتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وتعاقب ملوكها وقادتها على ذلك، فنحن قومٌ – كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه – أعزّنا اللهُ بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. وإننا ونحن نودِّع القائدَ الراحل أبو متعب رحمه الله، فإننا ندعو الله تعالى أن يوفق ويسدد ويؤيد وليّ أمرنا ومليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وأن يقويه ويرزقه البطانةَ الصالحة التي تدلّه على الخير وتُعينه عليه، وأن يُعينه على ما فيه خير بلاده وشعبه، وأمته الإسلامية، لتبقى المملكة العربية السعودية قلب العالم الإسلامي النابض ورأسه القائد وقبضته الصلبة وجبينه الأغر العزيز. وإنّ من حقه علينا أن نُبايعه بقلوبنا وقولنا وعملنا على السمع والطاعة في المنشط والمكْره، وأن نجتهد في الدعاء له، وأن نكون دروعاً حصينة لوطننا في هذه الظروف الشائكة حولنا، وذلك بأن نكون على وعي تام بما يراد لنا، وأن نتناصح فيما بيننا، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وننبذ الفرقة والاختلاف وندعو للوحدة والائتلاف، فيخيب ظن المفسدين ويحبط كيد المرجفين والحاقدين. اللهم اغفر لعبدك عبدالله بن عبدالعزيز وارحمه، ووفق عبدك سلمانَ بن عبدالعزيز وأيده، واشدد عضده بوليّ عهده الأمير مقرن ووليّ وليّ عهده الأمير محمد، وانصر بهم وبنا جميعاً دينَك وكتابك وسُنةَ نبيك وعبادك الصالحين.. اللهم آمين.